ثم جمع المشايخ بعده كتبًا أخر في الفتاوى ك " مجموع النوازل والواقعات " للناطفي، و" الواقعات " للصدر الشهيد، رحمه الله تعالى.
ثم جمع المتأخرون هذه المسائل في فتاواهم وكتبهم مختلطة، غير متميزة، كما في " جامع قاضي خان "، " الخلاصة "، وغيرهما.
وميز بعضهم كما في كتاب " المحيط " لرضي الدين السرخسي؛ فإنه ذكر أولًا مسائل الأصول، ثم النوادر، ثم الفتاوى، ونعم ما فعل.
واعلم أن من كتب الأصول، كتاب " الكافي " للحاكم الشهيد، وهو كتاب معتمد في نقل المذهب.
وشرحه جماعة من المشايخ منهم: الإمام شمس الأئمة السرخسي وهو " مبسوط " السرخسي، والإمام القاضي الأسبيجابي، وغيرهما.
ومن كتب المذهب " المنتقى " له أيضًا، إلا أن فيه بعض النوادر؛ ولهذا يذكره صاحب " المحيط " بعد ذكره النوادر معنونًا بالمنتقى، ولا يوجد " المنتقى " في هذه الأعصار.
واعلم أيضًا أن نسخ " المبسوط " المروى عن محمد متعددة، وأظهرها مبسوط أبي سليمان الجُوزجاني.
وشرح " المبسوط " المتأخرون، مثل شيخ الإسلام أبي بكر المعروف بخواهر زاده، ويسمى " المبسوط البكري " والصدر الشهيد وغيرهما، ومبسوطهم شروح في الحقيقة، ذكرها مختلطة بمبسوط محمد، كما فعل شُرَّاح " الجامع الصغير "، مثل فخر الإسلام، وشيخ الإسلام، وقاضي خان، وغيرهم.
وقد يقال: ذكره قاضي خان، في " الجامع الصغير "، مثل فخر الإسلام، وشيخ الإسلام، وقاضي خان، وغيرهم.
وقد يقال: ذكره قاضي خان، في " الجامع الصغير "، والمراد شرحه، وكذا غيره، فاعلم ذلك، والله أعلم.
فصل
يتضمن بيان ماصطلحت عليه في هذا الكتاب،
من ترتيب وتقديم وتأخير، وغير ذلك؛ ليَسْهُل كَشْفُه، ولا تتعَسَّر مُراجعته فأقول وبالله التوفيق: قد رتب هذا التأليف على حروف المعجم كترتيب أكثر المؤرخين.
فأبتدى أولًا من الأسماء بما أوله همزة وثانيه همزة، ثم بما أوله همزة وثانيه ألف ساكنة، ثم بما أوله همزة وثانيه باء موحدة، ثم بما ثانيه تاء مُثناة من فوق، ثم بما ثانية ثاء مُثلثة، وهكذا إلى آخر الحروف.
ثم بما أوله باء موحدة وثانيه همزة أو ألف ساكنة، ثم بما ثانيه باء أيضًا، ثم بما ثانيه تاء مُثناة، وهكذا إلى آخر الحروف.
ثم أذكر في أواخر الكتاب أصحاب الكُنى جميعًا في حروف الهمزة، أقدم من لم يعرف له أسمٌ سوى الكنية، ثم من له اسم واشتهر بكنيته وله ترجمة في حرف من الحروف، أذكره باختصار، ولا أعيد له ترجمة، وأذكر اسمه واسم أبيه ليسهل كشفه في محله.
وأذكر جميع هذه الكُنى مُرتبة ترتيب الأسماء وبالنظر إلى ما بعد ذكر الأب، كأبي إبراهيم، أذكره مُقدمًا على أبي أحمد، وأبي داود مُقدمًا على أبي ذر، وهكذا إلى آخر الحروف.
وأذكر في آخر الكتاب بابًا للألقاب، وبابًا فيمن اشتهر بابن فلان، وبابًا في الأنساب.
أقدم في كل من البابين الأولين من اشتهر بلقبه، واشتهر بأبيه ولم يعرف له اسم، ثم من له اسم منهما اذكره باختصار، كما فعلته في الكنى.
وأما الأنساب فأقدم فيها من لا يعرف إلا بالنسبة ولم يذكر له في الكتاب ترجمة، وأما من ذكر له في الكتاب ترجمة، فقد أذكره في نسبته، وقد لا أذكره، لأن ذكر جميع من انتسب في الكتاب إلى الموصل أو الشام أو حماة مثلًا في تلك النسبة، مما يطول شرحه، ويُمل ذكره، بلا كبير فائدة.
هذا ولما كان رسول الله ﷺ هو الذي أظهر هذا الدين القويم، وأنار هذا السراط المستقيم، وكان كل فضل منسوبًا إلى فضله، وكل علم مستفادًا من علمه، ولولاه ما كان عالم يذكر، ولا فاضل علمه يُنشر، وكانت سائر الأفاضل، والعلماء الأماثل، والأولياء المخلصين، والصلحاء السابقين، يغترفون من ذلك البحر، ويستنيرون بذلك البد.
وكانوا كما قال صاحب البردة، رحمه الله تعالى:
وكُلُهُمْ مِن رَسُولِ اللهِ مُلتمِسٌ ... غَرْفًا من البَحْر أو رَشْفًا من الَّيَمِ
تعين أن نبدأ بذكر شيء يسير من سيرته الشريفة، وأوصافه المُنيفة، لتكون لهذا الكتاب مشرفة، وعلى غيره من الطبقات التي خلت عنها مُفضلة، ويكون لهم في الذكر إمامًا، كما كان لهم في الدين هاديًا وهُمامًا.
1 / 13