وبعد فما هي مشكلات البناء الثوري أو بناء الثورة؟
إن البناء الثوري هو بناء الطوارئ أو هو بعبارة أخرى بناء العجلة، ومن هنا وجب أن ينظر إلى وسائل الدوام وأن ينهج على منهج العوامل الاجتماعية الطبيعية؛ إذ كان البناء الذي توحي به دواعي الساعة غير كفيل في جميع الأحوال بموافقة مهام الثورة.
إن الثورة لها عملها الطارئ الذي تسقط به الملكية وتقضي على النظام الإمبراطوري، ولكنها إلى جانب الهدم الطارئ لا بد لها من البناء الطارئ، وكلاهما كالقدمين أو كالجناحين لا غنى لأحدهما عن الآخر، ومنذ الساعة التي أقيمت فيها الجمهورية قد جاوزنا دور الهدم الطارئ، ولكننا لم ندخل في دور البناء الذي لا بد أن يلازمه، وهذا هو مصدر جميع النكبات التي انصبت علينا: سلطان الموظفين العنيف ومنازعات الساسة وما إلى هذا وذاك، ولم يكن للصينيين وسيلة لمنع ما حدث، ففي زمن الطوارئ لا غنى عن بناء الطوارئ، ولا سبيل بغير هذا إلى تعويد الشعب أن يألف واجباته الجديدة، وإن ذلك لمهم إلى الغاية من الأهمية في خطط الثورة.
ولقد مضت حتى الآن ثماني سنوات منذ إنشاء الجمهورية الصينية، وقد استفاد أعضاء الحزب ذخيرة واسعة من التجربة والمعرفة، ولعلهم اليوم يذكرون دعوتي إلى تعليم الجماهير وتدريبها ويفهمون مغزاها دون أن يعتبروها من «الطوبيات» أو المطامح التي لا تقبل النفاذ.
لقد عاشت الصين آلاف السنين تحت نير العروش الرجعية، ودرج أهلها على احتمال الطغيان والحرمان من السيادة، وها هي ذي قد أنشأت منذ فجر الثورة حكومتها الجمهورية الدستورية، فعليها إذن أن تمر بدور من أدوار التدريب، وإلا تعذر عليها بلوغ غايتها.
إن أمتنا الصينية قد طال عليها عهد السيادة الملكية، وقد تركت (خلائق الرق) أثرا عميقا في روحها لا يتأتى محوه قبل العبور بها في دور من أدوار التدريب، وعلى الصينيين أن يعملوا كثيرا على تهذيب أنفسهم قبل إزالة هذه الأقذار المتجمعة من بقايا الماضي والاشتراك في حياة الحرية والمساواة.
إن عصبة الثورة حين أخذت أول الأمر في تنظيم الثورة الصينية كان من همنا بداءة أن ننشر آراءها بأسلوب الدعوة، وأن نجمع كل من صحت عزيمتهم على خدمة الأمة الصينية وتعاهدوا على تحقيق الديمقراطية القائمة على مبادئها الثلاثة لبلوغ مقصدنا الشامل وهو الجمهورية الصينية.
فهؤلاء الذين نقضوا ذلك العهد لا نحسبهم في زمرة الثوريين، ومنهم من ينظر إلى ذلك العهد كأنه بعض المظاهر الرسمية، ولكن قوة الكومنتانج قد نمت نموا كبيرا وتوطد نظامها؛ لأننا بالعهد الذي تعاهدنا عليه قد خلقنا للحزب قلبا واحدا، وإذا كان هذا شأن الحزب فهو شأن يصدق كذلك على الدولة.
وكثيرا ما قيل عن الأمة الصينية: إنها كالرمل المتناثر هنا وهناك، فإذا نحن أردنا أن نجمع هذه الملايين الأربعمائة من حبات الرمل لنخلق منها دولة متحدة قوية في اتحادها، فليس في وسعنا أن نتخلى عن فكرة القسم، وهكذا يحدث في جميع بلدان الحضارة المتقدمة، فإنهم يوجبون عند تغيير الجنسية أن يقسم المرء يمين الولاء والاحترام للدولة التي ينضوي إليها، وأن يعرب عن اعترافه بدستورها والتزامه لكل ما يفرضه عليه من الواجبات ولا يحسب في زمرة المواطنين قبل هذا القسم، بل يقضي حياته بين قومه ولا يزال معدودا بينهم من الغرباء الذين حرمت عليهم حقوق الوطنية.
وعندي أن الموظفين وأعضاء المجالس لا يؤدون عملهم قبل أداء هذا القسم، ومن حق الحكومة الجديدة حيث يتبدل نظام الحكم أن تطلب عهد الولاء من جميع المواطنين، وأن تعتبر من يرفض أداءه عدوا يطرد من حظيرة الدولة.
Неизвестная страница