وكل أمة خرج الأجنبي من بلادها وانتهى فيها الحكم العرفي فالواجب عليها أن تنشئ دستورا يقرر لأبنائها حقوقهم وواجباتهم، كما يقرر حقوق الحكومة الثورية.
وإذا مضت فترة سنوات ثلاث كان على أفراد الأمة أن ينتخبوا سلطتها.
فإذا أفلحت الأمة في استئصال جذور الفساد كما تقدم ودان نصف الشعب بمبادئ الديمقراطية الثلاثة والولاء للجمهورية، ففي وسع السلطة أن تحصي أبناء الوطن، وأن تقرر ضريبة البيوت وتنظم الشرطة وتشرف على الصحة العامة ووسائل المواصلات وفاقا للأحكام الدستورية.
ومتى انتخبت الأمة سلطتها وأصبحت وحدة مستقلة بحكمها حق لها أن تعول على النية الحسنة من حكومة الثورة، وأن تعترف لها هذه الحكومة بجميع حقوقها الدستورية في ظل الدستور الموقوت.
وإذا استقرت الأمور بعد ست سنوات في جانب البلاد كان على كل إقليم حاكم لنفسه أن يندب عنه نائبا لتأليف الجمعية الوطنية العظمى، ومهمة هذه الجمعية أن تنشئ خمسة مجالس على هدي دستور الهيئات الخمس لتنظيم عمل الحكومة: وهي الهيئة الإدارية والهيئة التشريعية والهيئة القضائية، والهيئة الاختبارية، وهيئة الرقابة والإشراف العام.
وينتخب المواطنون بعد قيام الدستور بطريق الاقتراع العام رئيسا لإنشاء مجلس الإدارة ونوابا لتكوين الجمعية التشريعية، أما المجالس الثلاثة الأخرى، فيعينها الرئيس بالتعاون مع الجمعية التشريعية، وهذه المجالس جميعا لا تكون مسئولة أمام الرئيس بل أمام الجمعية الوطنية، ولا تقبل استقالة أحد منها إلا بعد إدانته في الجمعية الوطنية بناء على اتهام هيئة الرقابة والإشراف العام، أما أعضاء هيئة الرقابة والإشراف العام فيعزلون بعد اتهامهم بقرار من الجمعية الوطنية.
وتشمل سلطات الجمعية الوطنية وواجباتها مباشرة الإشراف على تطبيق الدستور وتطهير الأداة الحكومية من الموظفين غير الصالحين، وتنظر الهيئة الاختبارية في المؤهلات التي ترشح صاحبها لعضوية الجمعية الوطنية والمجالس المختلفة.
وبعد إقرار الدستور وانتخاب الرئيس وانتخاب المجالس تسلم حكومة الثورة مقاليد السلطة للرئيس، وتعتبر مرحلة التمهيد والتحضير منتهية منذ تلك اللحظة.
والمرحلة الثالثة أو الدور الثالث هو دور إتمام الثورة، وفيه تتحقق الحكومة الدستورية، وفيه تبدأ حكومات الأقاليم الذاتية مباشرة حقوقها المدنية، ويتولى المواطنون سلطة الراشدين في تدبير شئون بلادهم وحل مشكلاتها السياسية وعزل الموظفين الحكوميين.
هذه هي الأدوار الدستورية، أو بعبارة أخرى هذه هي الفترة التي يتم فيها بناء الثورة، وهذه هي الخطوط التي أوثرها وأزكيها.
Неизвестная страница