فقال أحمد متهكما: مثل خالي ياسين ..!
وندت عن إبراهيم شوكت ضحكة، فقالت خديجة متظاهرة بالغضب: تكلم عن خالك بأدب، ما له؟ قلبه عامر بالإيمان وربنا يهديه، انظر إلى جدك وجدتك. - وخالي كمال؟ - خالك كمال من محاسيب الحسين، أنت لا تدري شيئا. - بعض الناس لا يدرون شيئا ..
فسأله عبد المنعم محتدا: لو كان الناس جميعا مهملين في دينهم، فهل يشفع لك ذلك؟
فقال أحمد في هدوء: على أي حال اطمئن، فلن تؤخذ يوما بذنبي!
وهنا قال إبراهيم شوكت: كفاكما خصاما، نفسي أراكما كرضوان ابن خالكما ..
فحدجته خديجة بنظرة استياء، كأنما عز عليها أن يعد رضوان خيرا من ابنيها؛ فقال إبراهيم موضحا رأيه: هذا الشاب على صلة بكبار الساسة، شاب ذكي، وقد ضمن بذلك مستقبلا باهرا ..
فقالت خديجة غاضبة: لست من رأيك، رضوان شاب سيئ الحظ، ككل شاب يحرمه سوء الحظ من رعاية أمه، وزنوبة «هانم» لا تهتم في الواقع بأمره، أنا لا أنخدع بحسن معاملتها له فهذه سياسة كسياسة الإنجليز؛ لذلك لا يقر للمسكين قرار، وأكثر أيامه يبيتها خارج بيته، أما صلته بالكبراء فلا معنى لها، إنه طالب مع عبد المنعم في سنة واحدة، فما معنى هذا التداخل الخطير: أنت لا تعرف كيف تضرب الأمثال ..
فرمقها إبراهيم بنظرة كأنما يقول لها: «لا يمكن أن تقريني على رأي»، ثم قال مواصلا إيضاح رأيه: ليس الشبان اليوم كما كانوا في الزمن الماضي، السياسة غيرت كل شيء، فكل كبير له مريدوه منهم، والطموح الذي يريد أن يشق سبيله في الحياة لا بد له من كبير يرجع إليه، إن مكانة والدك الكبيرة تقوم على اتصالاته الوثيقة بالكبراء!
فقالت خديجة بكبرياء: أبي يسعى الناس إلى التعرف به ولا يسعى هو إلى أحد، أما عن السياسة فأبنائي لا شأن لهم بها، لو أتيح لهما أن يريا خالهما الشهيد لأدركا من نفسيهما معنى كلامي، بين يحيا فلان ويسقط علان يهلك أبناء الناس، ولو عاش المرحوم فهمي لكان من أكبر القضاة اليوم ..
فقال عبد المنعم: لكل طريقته، نحن لا نقلد أحدا، ولو أردنا أن نكون كرضوان لكنا ..
Неизвестная страница