فتساءل رضوان باهتمام لم يحاول إخفاءه: نعم، ولكن من هو؟ - عبد الرحيم باشا عيسى!
فتفكر رضوان قليلا ثم تمتم: رأيته مرة عن بعد .. - أما هو فقد رآك اليوم لأول مرة.
وارتسمت على وجه رضوان علامة استفهام، فعاد حلمي يقول: وعندما قابلني عقب انصرافك سألني عنك، وطلب إلي أن أقدمك إليه في أول فرصة!
وتبسم رضوان ثم قال: هات كل ما عندك.
فقال حلمي وهو يربت منكب صاحبه: دعاني وسألني بخفته - على فكرة هو خفيف جدا: «من المليح الذي كان يحدثك؟» فأجبته أنه زميل في الحقوق وصديق قديم واسمه كذا إلخ. فسألني باهتمام: «ومتى تقدمه إلي؟» فسألته بدوري متجاهلا غرضه: «ولمه يا باشا؟» فانفجر قائلا كالغاضب - هكذا تبلغ به خفة الروح أحيانا: «لأعطيه درسا في الديانة يا ابن الكلب.» فضحكت بدوري حتى كتم فمي بيده ..
وساد الصمت لحظة دوت فيها الريح في الخارج، وترامى صوت ارتطام ضلفة شباك بجدار، ثم علا صوت رضوان وهو يتساءل: سمعت عنه كثيرا، أهو كما يقال؟ - وأكثر .. - لكنه عجوز!
فقال حلمي عزت وأساريره تنطق بالضحك دون صوت: هذا في المرتبة الأخيرة من الأهمية، إنه رجل كبير المقام، ظريف، ذو نفوذ، ولعل شيخوخته أجل فائدة من الشباب ..
فعاود رضوان الابتسام، ثم تساءل: أين منزله؟ - فيلا هادئة في حلوان. - آه تكتظ بالقاصدين من كافة الطبقات! - سنكون ضمن مريديه، لم لا؟! إنه من شيوخ الساسة ونحن من شبابهم!
فتساءل رضوان في شيء من الحذر: وزوجه وأولاده؟ - يا لك من جاهل، إنه أعزب، لم يتزوج قط ولا يحب هذه السيرة، كان وحيد أبويه، وهو يعيش وحده مع خدمه كأنه مقطوع من شجرة، وإذا عرفته فلن تسلو عنه أبدا ..
وتبادلا نظرة باسمة طويلة تفيض بالمؤامرات، حتى قال حلمي عزت في شيء من الجزع: سلني متى نذهب لزيارته من فضلك؟ فقال رضوان وهو ينظر إلى ثمالة الشاي في قدحه: متى نذهب لزيارته؟
Неизвестная страница