فقال كمال في لهجة ساخرة: كفاه الله شر مهنة التدريس!
فقالت خديجة في انزعاج: وهل يسرك أن يشتغل جورنالجيا؟
وهنا قال عبد المنعم ملطفا الجو: لم تعد الوظيفة بالمطلب السعيد.
فقالت أمه بحدة: لكنك موظف يا سي عبد المنعم ..! - في كادر ممتاز، ولكني لا أرضى له وظيفة كتابية، وها هو خالي كمال يستعيذ من مهنته ..
والتفت كمال إلى أحمد متسائلا: في أي نوع من الصحافة تريد أن تعمل؟ - الأستاذ عدلي كريم موافق على قبولي في مجلته تحت التمرين؛ لأقوم بالترجمة أولا ثم بالتحرير فيما بعد .. - ولكن «الإنسان الجديد» مجلة ثقافية محدودة الموارد والمجال؟ - هي خطوة أولى للتمرين حتى يتيسر لي عمل أهم، وعلى أي حال ففي وسعي أن أنتظر دون أن أجوع ..
فنظر كمال إلى خديجة قائلا: دعي الأمور تجري كما يشاء، إنه راشد مثقف وأدرى بما يفعل ..
ولكن خديجة لم تسلم بالهزيمة بسهولة، وعادت تحاول إقناع ابنها بقبول الوظيفة حتى علا صوتهما واحتد فتدخل كمال ليخلص بينهما. ثم تكدر جو المجلس وساد صمت ثقيل حتى قال كمال ضاحكا: جئت طامعا في شرب الشربات فكانت هذه العكننة نصيبي.
وفي أثناء ذلك ارتدى أحمد ملابسه ليغادر البيت، فاستأذن كمال وخرجا معا، وسارا في شارع الأزهر، وقد صارح أحمد خاله بأنه ماض إلى مجلة الإنسان الجديد؛ ليتسلم عمله كما وعده الأستاذ عدلي كريم، فقال له كمال: افعل ما تشاء ولكن تجنب إيذاء والديك ..
فقال أحمد ضاحكا: إني أحبهما وأجلهما ولكن ... - ولكن؟ - من الخطأ أن يكون للإنسان والدان!
كمال ضاحكا: كيف هان عليك أن تقول ذلك؟ - لا أعني حرفيته، ولكن ما يرمز إليه الوالدان من تقاليد الماضي؛ فالأبوة على وجه العموم فرملة، وما حاجتنا في مصر إلى الفرامل، ونحن نسير بأرجل مكبلة بالأغلال؟!
Неизвестная страница