إِن كَانَ فِي حَالَة التحام الْقِتَال أَو الْخَوْف على الْمُسلمين أَن يظفر بهم الْكفَّار يجوز، لِأَن حفظ الْمُجَاهدين أولى من حفظ من بِأَيْدِيهِم١ وَإِن٢ لم يكن ذَلِك، أَو كَانُوا فِي حصن فَهَل يجوز أَن يفعل بهم ذَلِك؟ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: يجوز حَتَّى لَا يُؤَدِّي إِلَى تَعْطِيل الْجِهَاد كَمَا لَو كَانَ فيهم نِسَاؤُهُم وذراريهم.
وَالثَّانِي: لَا يجوز لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ بِخِلَاف الذَّرَارِي وَالنِّسَاء فَإِنَّهُم مِنْهُم.
وَإِن تترسوا بأطفالهم وَنِسَائِهِمْ٣. فَإِن كَانَ فِي حَال التحام الْقِتَال جَازَ الرَّمْي ويتوقى الْأَطْفَال وَالنِّسَاء مَا أمكنه٤، لأَنا لَو تركنَا رميهم بِمثل٥ ذَلِك
_________
١ - فِي أ: (مَا بِأَيْدِيهِم) .
٢ - فِي د: (فَإِن) .
٣ - قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: إِذا تترس الْمُشْركُونَ بأطفالهم لعلمهم أَن شرعنا يمْنَع من تعمد قَتلهمْ فَهَذَا على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: أَن يَفْعَلُوا ذَلِك فِي التحام الْقِتَال مَعَ إقبالهم على حربنا فَلَا يمْنَع ذَلِك من قِتَالهمْ وَمن رميهم وضربهم قصدا لَهُم دون أطفالهم وَلَا حرج فِيمَا أفْضى مِنْهُ إِلَى قتل أطفالهم لأمرين: أَحدهمَا: أَن تركنَا لَهُم بِهَذَا مفض إِلَى ترك جهادهم. وَالثَّانِي: أَنهم مقبلون على حربنا فَحرم أَن نولي عَنْهُم. وَالضَّرْب الثَّانِي: أَن يتترسوا بهم فِي غير التحام الْقِتَال عِنْد مشاركتهم لنا وَقد بدأنا بقتالهم وهم فِي حصارنا يخَافُونَ فِيهِ فيفعلوا ذَلِك لنمتنع من رميهم فَهَذَا على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا: أَن يَفْعَلُوا ذَلِك مكرًا مِنْهُم فَلَا يُوجب ذَلِك ترك حصارهم وَلَا الِامْتِنَاع عَن رميهم وَلَو أفْضى إِلَى قتل أطفالهم. وَالضَّرْب الثَّانِي: أَن يَفْعَلُوا دفعا عَنْهُم فَلَا يمْنَع ذَلِك من حصارهم وَفِي الْمَنْع من رميهم وضربهم قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه لَا يمْنَع ذَلِك من رميهم كالمقاتلين تَغْلِيبًا لفرض الْجِهَاد. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يمْنَع رميهم وَيُؤَخر الْكَفّ عَنْهُم بِخِلَاف المقاتلين، لِأَن جهادهم ندب، وَجِهَاد المقاتلين فرض، وَإِذا قَابل النّدب حظر كَانَ حكم الْحَظْر أغلب انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي ٩١٤، حلية الْعلمَاء ٧٦٥٠.
٤ - فِي أ: (إِن أمكنه) .
٥ - فِي د: (لمثل) .
1 / 306