Сират Мулук Табацина
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Жанры
أشار ذو اليزن بذراعه عبر شرفات قصره: نحن ما زلنا في وضح النهار، أيتها الأمير قمرية.
ومرة أخرى انهمرت عينا قمرية الباهرتا الجمال دموعا مدرارة، متسائلة مدهشة: أميرة؟
هنا علا رنين جرس الاستئذان بالدخول، وانفتح باب قاعة عرش التباعنة على مصراعيه، واندفع الوزير الأول «يثرب» داخلا في مهابته، إلا أنه توقف وقد أدهشه مشهدها المفصح دون كثير عناء عن الكثير من الأمور الجليلة. - ماذا يحدث؟
غمغم يثرب متسائلا لنفسه، وقد جمد في مكانه حيث يقف، إلى أن أشار الملك التبع له بالدخول: صديقي الوفي يثرب.
تقدم الوزير يثرب مسرا للملك بموعد الحفل: وصلت مواكب الوفود.
تطلع الملك إلى السماء وكأنه يقرأ الوقت: وصلوا، أشار الملك لمساعديه منسحبا مربتا على يدي قمرية، وأحاط على الفور أربعة من مساعديه فألبسوه تاجه وعباءته وطيلسانه، وحين انتهوا من مهمتهم، اتجه ذو اليزن إلى حيث تقف «قمرية» مادا لها ذراعه في استئذان نبيل: لم لا تحضرين هذا الحفل معنا الليلة يا قمرية؟
ارتعدت قمرية من الرأس حتى القدم من هول مفاجأة الملك التبع لها على هذا النحو، وحاولت بسرعة السيطرة على حواسها وهي تمسك بيد الملك التي مدت لها.
أما الوزير يثرب فقد غالب اندهاشه معلقا قائلا: إنه حفل الأسلاف التباعنة الذي يحل موعده الموافق لهذا الشهر القمري من كل عام، ويحضره الملوك والأمراء والسفراء من سبأ وحضرموت ويثرب ومصر وبلاد النبط وفارس وبلاد بنط ودمشق والمغرب الكبير.
ولم يكمل الوزير يثرب حديثه عن الحفل؛ إذ طغت موسيقى تتخللها الهتافات المدوية بحياة الملك التبع، في ذات اللحظة التي انفتحت فيها قاعات القصر، التي بدت وكما لو كانت قاعات دائرية مسحورة تدور في بطء وديع مهدهد مع اتجاه حركة الشمس في الأفق البعيد التي بدت حمراء قانية.
وبدت القاعات الفسيحة المتناهية الروعة غاصة بالوفود المشرئبة بأعناقها باتجاه الملك ذو اليزن، وقمرية إلى جانبه متأبطة ذراعه غير مصدقة ما يحدث، ولكنها أدركت في النهاية مغزى اصطحاب الملك التبع لها جهارا على هذا النحو، إلى درجة دفعت بها إلى القول في جدية بالغة: إذا تخليت عني بعد اليوم فسأتجرع سمومي! - لن يحدث.
Неизвестная страница