وقوله: ويخرجه من الشّركة. فقد مضى تفسيره.
وقوله: ولا يستعين عليه بطول الفكرة. هذا لأنّ الكلام إذا انقطعت أجزاؤه، ولم تتّصل فصوله ذهب رونقه، وغاض ماؤه، وإنما يروق الكلام إذا جرى جريان السيل، وانصبّ انصباب القطر.
وقال ثمامة: ما رأيت أحدا إذا تكلّم لا يتحبّس، ولا يتوقّف، ولا يتلفّف، ولا يتلجلج، ولا يتنحنح، ولا يترقّب لفظا استدعاه من بعد، ولا يتلمّس التخلّص إلى معنى قد اعتاص عليه بعد طلبه، إلا جعفر بن يحيى.
فمن الكلام الجارى مجرى السيل قول بعض العرب لبعض ملوك بنى أميّة: أقطعت فلانا أرضا، وسط محلّتنا، وسواء خطّتنا، ومركز رماحنا، ومبرك لقاحنا، ومخرج نسائنا، ومنقلب إمائنا، ومسرح شائنا، ومندى بهمنا «١»، ومحلّ ضيفنا، ومشرق شتائنا، ومصبحنا فى صيفنا. فقال: تكفون.
وعوّضه عنها وردّها عليهم.
وأخبرنا أبو أحمد قال: أخبرنى أبى عن عسل بن ذكوان أن الحسن بن على رضى الله عنهما خطب فقال: اعلموا أنّ الحكمة زين، والوقار مروءة، والصلة نعمة، والإكثار صلف، والعجلة سفه، والسّفه ضعف، والغلق ورطة، ومجالسة أهل الدّناءة شين، ومخالطة أهل الفسوق ريبة.
فهذه هى البلاغة التامة، والبيان الكامل.
وكما قال بعضهم: البلاغة صواب، فى سرعة جواب؛ والعىّ إكثار فى إهذار، وإبطاء يردفه أخطاء.
وقال بعضهم: لست ممن يتوهّم بجهله، ويظن بقلة عقله، أن الديانة، والأمانة، والنزاهة، والصيانة، إنما هى فى تشمير ثوبه، وإحفاء شاربه، وكشفه
1 / 43