Oxus )، ودانت له بخارى وسمرقند وغيرهما من المدن، حتى وصلت جيوشه إلى حدود الصين؛ فأرسل إلى الأمير الصيني وفدا ذكرت المصادر العربية خبره، فكتب الطبري أن ذلك الأمير قال لهبيرة بن المشمرج الكلابي زعيم المندوبين العرب: «انصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف؛ فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه.» فأجاب هبيرة: «كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون؟! وكيف يكون حريصا من خلف الدنيا قادرا عليها وغزاك؟! وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالا إذا حضرت فأكرمها القتل؛ فلسنا نكرهه ولا نخافه.» قال: «فما الذي يرضي صاحبك؟» قال: «إنه قد حلف أن لا ينصرف حتى يطأ أرضكم، ويختم ملوككم، ويعطى الجزية.» قال: «فإنا نخرجه من يمينه، نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطؤه، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم، ونبعث إليه بجزية يرضاها.» قال الطبري: «فدعا بصحاف من ذهب فيها تراب وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم، ثم أجازهم فأحسن جوائزهم، فساروا فقدموا بما بعث به فقبل قتيبة الجزية، وختم الغلمة، وردهم ووطئ التراب.»
10
وقد ذكرت المصادر التاريخية الصينية أن رسولا اسمه سليمان جاء من قبل الخليفة هشام بن عبد الملك إلى الإمبراطور الصيني «هسوان تسونج» سنة (726م/108ه)، وزادت العلاقة السياسية بين العرب والصين في نهاية حكم هذا الإمبراطور؛ فإن ثائرا أقصاه عن العرش فتنازل عنه لابنه «سو تسونج» سنة (756م/139ه). وطلب هذا الملك الجديد من الخليفة العباسي المنصور أن يظهره على خصمه المغتصب، فلبى المنصور طلبه، وأرسل إليه فرقة من الجنود العرب، استطاع بوساطتها أن يسترد سلطانه ويستولي على عاصمتيه سينجان فو وهونان فو، والمعروف أن أولئك الجند لم يرجعوا إلى بلادهم بعد انتهاء مهمتهم؛ بل طاب لهم العيش في الصين، فاستقروا فيها وتزوجوا من بناتها.
11
وتشهد المصادر الصينية بوجود جموع من المسلمين في الصين في عهد أسرة تنج، وكان معظمهم من التجار الذين نزلوا الثغور؛ ولا غرو فقد كانت التجارة بين الشرق والغرب في يد المسلمين إلى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي (التاسع الهجري)، وكان التجار المسلمون يبحرون من الخليج الفارسي - الذي كانوا يسمونه في القرن التاسع الميلادي (الثالث الهجري) الخليج الصيني
12 - ويعبرون المحيط الهندي مارين بسرنديب وجزائر البحار الجنوبية إلى أن يصلوا مواني الصين التجارية، وقد قل مجيء الصينيين أنفسهم إلى الخليج الفارسي منذ بداية القرن التاسع الميلادي، وزاد سفر العرب إلى البحار الجنوبية.
13
ومن المسلمين الذين زاروا الصين رحالة عربي اسمه سليمان، وصلنا وصف سياحته في الهند والصين - كتبه سنة (237ه/851م) - ومعه ذيل كتبه نحو سنة (304ه/916م) مؤلف اسمه أبو زيد حسن. وقد طبعت هذه الرحلة سنة 1811 على يد المستشرق لانجلس
Langlès ، ثم نشرها المستشرق رينو
Reinaud
Неизвестная страница