فعرض في الحديث ابو الهيثم بن التيهان فقال: يا رسول الله إن بيننا وبين أقوام جبالًا وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فقال رسول الله: " بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني، أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم". فقال له البراء بن معرور: ابسط يدك يا رسول الله نبايعك. فقال رسول الله ﷺ أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبًا فأخرجوهم وهم أسعد بن زرارة وعبد الله بن عمرو بن حزام، وسعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، ورافع بن مالك بن العجلان، وعبد الله بن رواحة، وسعد بن الربيع وعبادة بن الصامت، وأسيد بن حضير، وأبو الهيثم بن التيهان، وسعد بن خيثمة.
فأخذ البراء بن معرور بيد رسول الله ﷺ فضرب عليها فكان أول من بايع وتتابع الناس فبايعوا.
قال ابن اسحق: فلما أيقنت قريش أن رسول الله ﷺ قد بويع وأمر أصحابه أن يلحقوا بالمدينة، توامروا بينهم فقالوا: والله لكأنه قد كر عليكم بالرجال فاثبتوه أو اقتلوه أو اخرجوه، فاجتمعوا على قتله، وأتاه جبريل وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه، فبات في غيره فلما أصبح أذن له في الخروج إلى المدينة.
وعن ابن عباس في قوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ﴾ [الأنفال: ٣٠] قال: تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق، يريدون النبي ﷺ وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم بل اخرجوه، فأطلع الله نبيه ﷺ على ذلك فبات علي ﵇ على فراش النبي ﷺ تلك الليلة، وخرج النبي ﷺ حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليًا يحسبونه النبي ﷺ.
فلما أصبحوا ثاروا إليه فلما رأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، فاقتفوا أثره.
ذكر هجرة رسول الله ﷺ إلى المدينة:
كانت بيعة العقبة في أوسط أيام التشريق وقدم رسول الله ﷺ المدينة لاثنتي ليلة خلت من ربيع الأول.
قال يزيد بن أبي حبيب: خرج رسول الله ﷺ من مكة في صفر وقدم المدينة في ربيع الأول. قال ابن إسحق: دخلها حين ارتفع الضحى وكادت الشمس تعتدل.
عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر
1 / 50