فلا يسبقنكم إليه. فأجابوه وهم فيما يزعمون ستة: أسعد بن زرارة، وعوف بن مالك وهو ابن عفراء، ورافع بن مالك بن العجلان، وقطبة بن عامر بن حديدة، وعقبة بن عامر بن نابى، وجابر بن عبد الله بن رئاب.
فلما انصرفوا إلى بلادهم وقد آمنوا ذكروا لقومهم رسول الله ﷺ ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله ﷺ. حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم اثنا عشر رجلًا من الأنصار فلقوا رسول الله ﷺ بالعقبة وهي العقبة الأولى، فبايعوه بيعة النساء قبل أن تفترض الحرب، وفيهم عبادة بن الصامت، قال عبادة: بايعنا رسول الله ﷺ ليلة العقبة الأولى على أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف، وذلك قبل أن نفترض الحرب فإن وفيتم بذلك فلكم الجنة وإن غشيتم شيئًا فأمركم إلى الله، إن شاء غفر وإن شاء عذب.
فلما انصرف القوم عن رسول الله ﷺ بعث معهم مصعب بن عمير إلى المدينة يفقه أهلها ويقرهم القرآن، فنزل على أسعد بن زرارة، فكان يسمى بالمدينة المقريء فلم يزل يدعو الناس إلى الإسلام حتى شاع الإسلام، ثم رجع مصعب إلى مكة قبل بيعة العقبة الثانية.
قال كعب بن مالك: خرجنا في الحجة التي بايعنا فيها رسول الله ﷺ بالعقبة مع مشركي قومنا، فواعدنا لرسول الله ﷺ العقبة أواسط أيام التشريق، ونحن سبعون رجلًا، ومعهم امرتان فلما كانت الليلة التي واعدنا فيها رسول الله ﷺ نمنا أول الليل مع قومنا فلما استثقل الناس من النوم تسللنا من فراشنا تسلل القطا حتى اجتمعنا بالعقبة فأتانا رسول الله ﷺ ومعه عمه العباس ليس معه غيره، فقال العباس: يا معشر الخزرج. إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وهو في منعة من قومه وبلاده وقد أبى غلا الانقطاع إليكم فإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانًا فاتركوه في قومه فإنه في منعة من عشيرته وقومه. فقلنا: قد سمعنا ما قلت، تكلم يا رسول الله، فتكلم رسول الله ﷺ ودعا إلى الله ورغب إلى الإسلام وتلا القرآن فأجبناه بالإيمان به والتصديق له وقلنا له: يا رسول خذ لربك ولنفسك، قال: إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءمكم، فأجابه البراء بن معرور فقال: نعم والذي بعثك بالحق مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرًا عن كابر.
1 / 49