فصل
فلما بلغ رسول الله ﷺ خمسًا وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة وتراضت قريش بحكمه فيها، وكانوا قد اختلفوا فيمن يضع الحجر، فاتفقوا على أن يحكم بينهم أول داخل يدخل المسجد فدخل رسول الله ﷺ فقالوا: هذا الأمين، فقال: هلموا ثوبًا، فوضع الحجر فيه وقال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من نواحيه وارفعوه جميعًا، ثم أخذ الحجر بيده فوضعه في مكانه١.
فلما أتت له أربعون سنة ويوم بعثه الله ﷿ وذلك في يوم الاثنين.
ذكر بدء الوحي:
روى مسلم في الصحيح أن النبي ﷺ سئل عن صوم الاثنين، فقال: "فيه ولدت وفيه أنزل علي" ٢.
وقد روي عن أبي هريرة ﵁ أنه قال: نزل جبرئيل على رسول الله ﷺ بالرسالة يوم سبع وعشرين من رجب، هو أول يوم هبط فيه. وقال ابن إسحق: ابتدئ رسول الله ﷺ بالتنزيل في شهر رمضان.
وعن عائشة أنها قالت: أول ما ابتديء به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصادقة، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي جبل حراء يتحنث فيه، وهو التعبد الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء فجاءه الحق فيه فقال: اقرأ فقال رسول الله ﷺ، فقلت: "ما أنا بقارئ". قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: "ما أنا بقارئ" فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ
_________
١ صحيح: أخرجه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي أنظر المطالب العالية ٩/٤٣٥. رقم ٤٦٨٧.
٢ صحيح: أخرجه مسلم في كتاب الصيام حديث ١١٦٢. باب ٣٦. استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس وأبو داود في كتاب الصوم حديث ٢٤٥١.
1 / 33