وقد تكون أقاويل منثورة مخيلة، وقد تكون أوزان غير مخيلة لأنها ساذجة بلاقول. وإنما يوجد الشعر بأن يجتمع فيه القول المخيل والوزن. فإن الأقاويل الموزونة التى عملها عدة من الفلاسفة، ومنهم سقراط، قد وزن إما بوزن 〈إيلا〉 جيا الثالث المؤلف من أربعة عشر رجلا، وإما بوزن 〈التروكى الربعى〉 المؤلف من ستة عشر رجلا، وغير ذلك. وكذلك التى ليست بالحقيقة أشعارا، ولكن أقوالا تشبة الأشعار، وكالكلام الذى وزنه أنبدقليس وجعله فى الطبيعيات، فان ذلك ليس فيه من الشعر إلا الوزن. ولا مشاركة بين أنبدقليس وبين أوميرس إلا فى الوزن. وأما ماوقع عليه الوزن من كلام أنبدقليس فأمور طبيعية، وما يقع عليه الوزن من كلام أوميرس فأقوال شعرية. فلذلك ليس كلام أنبدقليس شعرا. وكذلك أيضا من نظم كلاما ليس من وزن واحد، بل كل جزء منه ذو وزن آخر فليس ذلك شعرا. ومن الناس من يقول ويغنى به بلحن ذى إيقاع.
وعلى هذا كان شعرهم المسمى ديثورمبى، وأظنه ضربا من الشعر كان يمدح به لا إنسان بعينه أو طائفة بعينها، بل الأخيار على لاطلاق، وكان يؤلف من أربعة وعشرين رجلا وهى المقاطع.
وكذلك كان شعرهم الذى يستعملة أصحاب السنن فى تهويل المعاد على النفس الشريرة، وأظنه الذى يسمى ديقرامى.
وكذلك كان يعمل بطراغوذيا وهو المديح الذى يقصد به إنسان حى أو ميت، وكنوا يفنون به غناء فحلا، وكانوا يبتدئون فيذ كرون فيه الفضائل والمحاسن ثم ينسبونها إلى واحد. فإن كان ميتا زادوا فى طول البيت أو فى لحنه نغمات تدل على أنها مرثية ونياحة.
وأما قوموذيا وهو ضرب من الشعر يهجى به هجاء مخلوطا بطنز وسخرية، ويقصد به إنسان، وهو يخالف طراغوذيا، بسبب أن طراغوذيا يحسن أن يجمع أسباب المحاكاة كلها فيه من اللحن والنظم، وقموذيا لا يحسن فيه التلحين، لأن الطنز لا يلائم اللحن.
Страница 169