أو يقال أمران، أحدهما أن السطوح الصغار لا ينعكس عنها الشعاع، والثانى أن السطوح المختلفة الوضع ينعكس عنها الشعاع إلى جهات شتى فيتشذب المنعكس ولا ينال شيئا لعدم الاجتماع، وأما القسم الأول فباطل، فإن من المعلوم أنه إن كان يخرج من البصر جسم حتى ينتشر فى نصف كرة العالم دفعة أنه يكون عند الخروج فى غاية تصغر الأجزاء وتشتتها، وأنه إذا انعكس فإنما يلاقى كل جزء صغير منه وكل طرف خط دقيق منه لا محالة جزأ مساويا له وينعكس عنه، ولا ينفع ولا يضر فى ذلك ما وراءه، عسى أن اتفق إن كان السطح الأملس الذى يلاقيه أصغر منه لم ينعكس عنه، لكنا إذا تأملنا لم نجد هذا المعنى هو السبب والشرط فى منع الانعكاس فى الأشياء الموجودة عندنا، لأنه قد يتفق أن يكون شىء خشن نعلم يقينا أن لأجزاءه التى لها سطوح ملس مقدارا ما لا يشك فى أنه أعظم من مقدار أطراف الشعاعات الخارجة، ومع ذلك لا تنعكس عنها، وهذا مثل الزجاج المدقوق والملح الجريش والبلور الجريش الذى نعلم أن سطوح أجزاءه ملس، وليست بغاية الصغر حتى تكون أصغر من أجزاء الشعاع الخارج، وإذا اجتمعت لم ينعكس عنها الشعاع بل ولا من أشياء أكبر من ذلك أيضا، ثم من البعيد أن تقبل الأجرام الكثيفة الأرضية تجزيا إلى أجزاء أصغر من الأجزاء التى يقبل إليها الجسم الشعاعى التجزى حتى يوجد جزء للكثيف أصغر مما ينقسم اللطيف إلى مثله، ثم إن كان علة العكس عن الأملس عدمه المنفذ وهناك حفز من ورائه فذلك موجود للخشن، وإن كان لا حافز من ورائه ولا عدم منفذ فليس يجب أن ينعكس عن شىء، فإن الجسم لا يكون له بالطبع حركات مختلفة بل بالقسر، وأنت تعلم أنه إذا كان المضىء قد أماله بالطبع فلا ينعطف إلا بالقسر، ثم الملاسة ليست من الهيئات الفاعلة فى الأجسام فتغير طبيعة ما يلاقيها، ولا هى من القوى الدافعة عن أجسامها شيئا حتى تقسر الأجسام إلى التبعيد عنها، ولو كانت الملاسة علة لتبعيد الجسم عن الجسم لكانت تبعد ما بينهما وإن تماست على أى وضع كان، ولكان يجب أن ينعكس البصر عن المرآة التى يلامسها الشعاع الخارج مخطوطا عليها لا إذا لاقاها بالطرف فقط، وإن كان السبب فى الانعكاس هو الحفز من خلف أو النبو كما يعرض للكرة وجب أن ينعكس عن كل صلب لا منفذ فيه وإن لم يكن أملس، وأما على مذهب أصحاب الأشباح فلذلك وجه، وهو أنهم يجعلون الملاسة علة لتأدية الشبح، وكل ملاسة عظمت أو صغرت فهى علة لتأدية شبح ما، لكن الأشباح التى تؤديها السطوح الصغار تكون أصغر من أن يميزها البصر فلا تحس، فإن الجرم الخشن يختلط فيه الظلمة بالنور، فيظلم كل غور ويكون كل نتو أصغر من أن يؤدى شبحا يميزه الحس، ولو كان متصلا لم يعرض ذلك، وأما أصحاب العكس فهذا الصغر ليس يعذر لهم فى عدم العكس عنه،
Страница 132