وأما القسم الثانى فهو أظهر بعدا واستحالة، وهو أن يكون ذلك الخارج يفارق المبصر ويمضى إلى الفرقدين ويلمسهما، ولا وصلة بينه وبين المبصر فيحس المبصر بما أحس هو، ويكون كمن يقول إن لامسا يقدر أن يلمس بيد مقطوعة، وإن الحية يتأدى إلى بدنها ما يلمسه ذنبها المقطوع المفصول عنها وقد بقى فيه الحس، إلا أن يقال إنه أحال المتوسط وحمله رسالة إلى المبصر، فيكون لهواء مؤديا مستحيلا معا، و قد قلنا على هذا ما فيه كفاية، وإن كان متصلا بعض المبصر وجب أن لا يراه كله بل ما يلاقيه منه فقط، فإن جعل الهواء مستحيلا إلى طبيعته وصار معه كشىء واحد فما الذى يقال فى الفلك إذا أبصرناه، أترى الفلك يستحيل أيضا إلى طبيعة ذلك الشعاع الخارج ويصير حساسا معه كشىء واحد حتى يلاقى كوكب زحل بكليته فيراه والمشترى وسائر الكواكب العظام وهذا فظاهر الفساد بعيد، ثم قد قلنا فى فساد هذه الاستحالة ما قلنا، فإن قالوا إن الهواء المشف ليس يتحد به كشىء واحد ولكن يستحيل إلى طبيعة مؤدية، فما يلاقيه الشعاع يدركه الشعاع، وما لا يلاقيه يؤدى إليه الهواء صورته باستحالة عرضت له، فأول جواب ذلك أن الهواء لم لا يستحيل عن الحدقة وحدها ويؤدى إليها إن كان من شأنه الأداء، فلا يحتاج إلى جسم خارج، وأما ثانيا فقد فرغنا عن بيان استحالة هذه الاستحالات، وأما ثالثا فإن الهواء المتوسط بين خطين خارجين يجب أن يؤدى إلى كل خط منهما ما يؤدى إلى الآخر، فيكون آخر الأمر قد تأدى إلى جملة الشعاع من جملة الهواء المتخلل للخطوط صورة المحسوس مرتين أو مرارا فيجب أن يرى المحسوس مرتين أو مرارا خصوصا إن كان على ما فى بعض مذاهب القوم من أن الخطوط لا تدرك بنفسها بل بما يؤدى إليها الهواء، ثم إن كان الأداء إلى الحدقة من الجميع أعنى الخطوط والهواء معا فالهواء مؤد للأشباح على مثل ما قال المعلم الأول، ومن عرف أن لا خلاء وأن أجرام الأفلاك مصمتة لا فرج فيها ولا فطور عرف أن ذلك مستحيل لا يمكن، وأنه لا يمكن أن ينفذ فيها هذا الخارج بل كيف ينفذ هذا الشعاع فى الماء إن لم يكن فيه خلاء حتى يلاقى جميع الأرض تحته ويراه وهو متصل، والماء لا يربوا حجمه لما خالطه منه، وإن كان هناك خلاء فكم يكون مقدار تلك الفرج الخلائية التى تكون فى الماء مع ثقل الماء ونزوله فى الفرج وملئه إياها، فيرى أن الماء فرج كله أو أكثره أو مناصفه حتى يمكن الخارج أن ينفذ إلى جميع ما فى قعر الماء ويلاقيه ويماسه وهو غير منقطع عن البصر، وإن انقطع فذلك أعجب،
Страница 126