لكن لأصحاب الشعاعات حجة فى حلها أدنى صعوبة، وهو قولهم إن المرايا تشهد بوجود هذه الشعاعات وانعكاسها، وذلك أنه لا يخلو إما أن يكون البصر تتأدى إليه صورة المرآة وقد تأدى إليها صورة المرئى متمثلة متشبحة فيها، وإما أن يكون ما نقوله من أن الشعاع يخرج فيلقى المرآة ثم يصير منها إلى أن يلقى ما ينعكس عليه على زاوية مخصوصة، وإذا بطل القول الأول بقى القول الثانى، ومما يتضح به بطلان القول الأول أنه لو كانت هذه الصورة متشبحة فى المرآة لكانت لا محالة تتشبح فى شىء بعينه من سطحها، كما إذا انعكس الضوء واللون معا فتأديا فى المشف إلى غير الحامل لهما الأول فإنما يتمثل المتأدى من ذلك فى بقعة واحدة بعينها يرى فيها على اختلاف مقامات الناظرين، وليس الشبح الذى فى المرآة بهذه الصفة بل ينتقل فيها بانتقال الناظر، ولو كان إنما ينتقل بانتقال المرئى فقط لم يكن فى ذلك إشكال، وأما انتقاله بانتقال النالظر فدليل على أنه ليس هناك بالحقيقة موضع تتشبح فيه الصورة، ولكن الناظر إذا انتقل انتقل مسقط الخط الذى إذا انعكس إلى المرئى فعل الزاوية المخصوصة فرأى بذلك الخط بعينه المرئى ورأى جزءا من المرآة آخر، فتخيل أنه فى ذلك الجزء الآخر من المرآة، وكذلك لا يزال ينتقل، قالوا ومما يدل على صحة هذا أن الناظر الذى للإنسان قد ينطبع فيه شبح مرئى ينعكس عنه إلى بصر ناظر حتى يراه هذا الناظر الثانى، ولا يراه صاحب الحدقة التى تمثل فيها الشبح بحسب التخيل، ولو كان لذلك حقيقة انطباع فى ناظره لوجب على مذهب أصحاب الأشباح أن يتساوى كل منهما فى إدراكه، فإن عندهم أن حقيقة الإدراك تمثل شبح فى الناظر، فيكون كل من تمثل فى ناظره شبح رآه، قالوا فمن هذا نحكم ونقول إن الناظر فى المرآة يتخيل له فى المرآة أنه يرى صورته، وليس كذلك، بل الشعاع إذا لاقى المرآة فأدركها كر منعكسا فلاقى صورة الناظر فأدركها، فإذا رأى المرآة ونفسه فى سمت واحد من مخرج الخط الشعاعى تخيل أن أحدهما فى الآخر، قال والدليل على أن ذلك ليس منطبعا فى المرآة أنه يرى المرئى فى المرآة بحيث لا يشك أنه ليس فى سطح المرآة وإنما هو كالغائر فيه والبعيد عنه، وهذا البعد لا يخلوا إما أن يكون بعدا فى غور المرآة، وليس للمرآة ذلك الغور ولا أيضا إن كان لها ذلك الغور كانت المرآة مما يرى ما يتشبح فى باطنها، فبقى أن يكون ذلك البعد بعدا فى خلاف جهة غوره، فيكون بالحقيقة إنما أدرك الشىء بذلك البعد من المرآة، فلا يكون قد انطبع شبحه فى المرآة،
Страница 119