إنما استحقّ اللعنة وصارت إجارته وبيعه باطلًا إذا ظهر له أن المشتري والمستأجر يريد التوسُّل بماله ونفعه إلى الحرام، فيدخل في قوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].
ومن لم يُراعي المقاصد في العقود، يلزمه ألا يلعن عاصر الخَمْر، وأن يجوز له أن يعصر العنب لكلِّ أحدٍ، وإن ظهر له أنه يتخذه خَمْرًا، لجواز تبدُّل الاسم، ولعدم تأثير القَصْد عنده في العقود، وقد صرَّحوا بذلك، وهذا مخالفةٌ بيِّنة لسنة رسول الله ﷺ.
يؤيِّد ذلك: ما روى ابنُ بطة بإسناده عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: "من حَبَس العنبَ أيَّامَ القِطافِ حتَّى يبيعَه من يهوديٍّ أو نصراني، أو من يتخذه خمرًا فقد تقَحَّم النارَ على بصيرة" (^١).
ومن هذا قوله ﷺ: "صَيْدُ البرِّ لكم حلالٌ وأنتم حُرُم ما لم تصيدوه أو يُصَدْ لكم" رواه الخمسة إلا ابن ماجه (^٢).