ورواه حرب (^١) من حديث إسرائيل.
فهذه أربعة أحاديث تُبَيِّن أن رسول الله ﷺ حرَّم هذا، ولولا أن عند أم المؤمنين علمًا من رسول الله لا تستريب فيه أن هذا محرم لم تستجِزْ أن تقول مثل هذا الكلام بالاجتهاد، لا سيما إن قصدت أن العمل يبطلُ بالرِّدة، واستحلال مثل هذا كُفْر؛ لأنه من الرِّبا، ولكن عُذْر زيد أنه لم يعلم أن هذا محرَّم، ولهذا أمرت بإبلاغه.
وإن لم تكن قصدت هذا، فإنها قصدت أن هذا من الكبائر التي يقاوم إثمها ثواب الجهاد، فتصير بمنزلة من عمل حسنة وسيئة بقدرها، فما كأنَّه عملَ شيئًا، ولو كان هذا مما يسوغ فيه الاجتهاد لم يكن مأثمًا، فضلًا عن أن يكون صغيرة، فضلًا عن أن يكون من الكبائر، فلما قطعت بذلك و[أمرَتْ بـ] إبلاغه عُلِم أنها علمت أن هذا لا يسوغ فيه الاجتهاد، وما ذاك إلا عن علم، وإلا فالاجتهاد لا يحرِّم الاجتهاد (^٢). وكون العمل يُبْطِل الجهادَ لا يُعْلَم إلا بتوقيفٍ من رسول الله، لا يُعْلَم بالاجتهاد.
ثم من هذه الآثار حجة أُخرى، وهو:
_________
= قال في العالية: هي مجهولة لا يُحتج بها، ففيه نظر، فقد خالفه غيره ...
وانظر: "نصب الراية": (٤/ ١٥ - ١٦)، و"الدر النقي": (٥/ ٣٣٠ - بحاشية السنن الكبرى).
(^١) أي: الكرماني، لعله في مسائل لأحمد.
(^٢) في هامش الأصل: "إذ ليس اجتهادها أولى من اجتهاده".
1 / 52