Шицр ва Фикр: Исследования в области литературы и философии
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
Жанры
بقيت ملاحظات أخيرة أسوقها على بعض أفكار المؤلف الجزئية المنثورة في الكتاب أتبعها بملاحظات أخرى عن الترجمة العربية. فالمؤلف ينسب اكتشاف المنهج الجدلي (الديالكتيك) إلى هيجل وجوته معا. والواقع أن هذا القول ينطوي على تجاوز أو تسامح كبير. فلا يمكن أن يوصف تفكير جوته بالجدلية إلا بصورة عامة شديدة التعميم. قد يمكن القول بأن لديه نوعا من «الاستقطاب»، الذي ألح عليه في كثير من أشعاره الفلسفية، وبعض قصائد الديوان الشرقي، وفي بحوثه العلمية في الضوء والألوان ورؤيته الكونية بوجه عام (فقد حاول مثلا أن يفسر ظاهرة اللون بالرجوع إلى أصلها في التقابل بين قطبي النور والظلام، كما فسر تحولات النبات بالتعاقب الدوري للقبض والبسط الواضحين، كذلك في التنفس وفي الإيقاع الكوني القائم على التجاذب والتنافر والتضاد بين قوى الخير والشر، بحيث تتخلل الوجود كله عملية أبدية تراوح بين الفصل والتوحيد) من الممكن أن نسلم بوجود نوع من الثنائية أو التضاد والصراع بين هذه العوامل الكونية في إطار وحدة الوجود الشاملة لديه، ولكن من الصعب أن نقول بجدلية من النوع الذي قاله به هيجل، حتى ولو ذهبنا إلى أن هذا الأخير قد قال بها في إطار وحدة وجود منطقية شاملة. (5)
يذكر المؤلف اسمي نيتشه وإشبنجلر بوصفهما «السلفين الروحيين للإنسانية الألمانية الحديثة». والواقع أن هذا القول لا يمكن أن يصدق على الفيلسوفين، إلا إذا صدقنا تفسير النازيين أو بالأحرى إساءة تفسيرهم لهما واعتمادهم على اقتباسات غبية معزولة عن سياقها أخذوها عن نصوصهما، ووقفوا عند ظاهرها البلاغي البراق. أما أفكارهما الميتافيزيقية الأصيلة، وخصوصا أفكار نيتشه، فلم يكن من المتوقع منهم أن يرتفعوا إليها، أو يضعوها في إطار رؤيتهما الكونية والتاريخية والفنية. وكما أننا نظلم ماركس إذا حاكمناه على الجرائم التي ارتكبها «ستالين»، فمن الظلم أن نأخذ «نيتشه» أو إشبنجلر وغيرهما من فلاسفة الحياة بذنوب النازيين ووحشيتهم، أو نحاسب الفلاسفة على بشاعة الجلادين والموظفين. (6)
يذكر المؤلف أن ترجمة رد الفعل النظري أو الأيديولوجي في ألمانيا إلى ممارسة عملية كان أمرا نادرا جدا، ويستشهد على ذلك بإنتاج «جورج فورشتر» وحياته الثورية (ص57)، ولعل المقصود هو الطبيب والكاتب المسرحي الشاب «جورج بشنر» (1813-1837م) الذي ألف جمعية ثورية من العمال الحرفيين والفلاحين أخمد أنفاسها الحكم الإقطاعي في مقاطعة «هسن»، وارتاب فيها المثقفون وجبنوا عن الوقوف معها. وهو معروف بمسرحياته الواقعية ومآسيه الاجتماعية التي لم تقدر قيمتها إلا في القرن العشرين على يد كتاب مثل هويتمان وفيديكند وبرشت (ومن أهم هذه المسرحيات مسرحيته عن موت دانتون التي تعبر عن خيبة آماله في الثورة الفرنسية ومسرحيتاه فويسيك وليونس ولينا، وقد نقلها جميعا كاتب السطور إلى العربية). (7)
أما عن ترجمة الكتاب، فلا بد من إزجاء الثناء الخالص على جهد المترجم الفاضل. فنقل كتاب عن جوته ليس بالمهمة الهينة؛ لأنه يفترض قدرا غير يسير من الإلمام بحياة هذا الشاعر الكبير، وإنتاجه الزاخر الفياض. ولا يقلل من هذا الجهد الطيب أن المترجم الفاضل لا يعرف الألمانية، فما أكثر الترجمات الأمينة لأعماله في اللغات الحية، وما أسعد حظه في هذه اللغات والآداب إذا قورن بحظه البائس في اللغات العربية!
وقد انعكس عدم إلمام المترجم بالألمانية على طريقة رسم الأسماء مثلا - كما يفعل إخوتنا في الشام لسبب لا أدريه - على إبدال الجيم التي ينطق بها الاسم في الأصل بالغين (كما في جوته نفسه ولسينج وهيجل وشيلنج وميرنج)، وأحيانا بالكاف (كما في كلاجيس الذي تحول إلى كلاكيس، وهو فيلسوف الحياة المعروف، أو في جوتزفون برليشنجن، بطل مسرحية جوته المبكرة المعروفة بهذا الاسم الذي تحول إلى كوتز ... وبقدر ما سعدت بسلامة ترجمة الأشعار وجودتها وإشراقها (وإن لم يمنعني هذا من مضاهاتها على الأصل، وإعادة النظر فيما اقتبسته منها).) فيؤسفني القول بأن الترجمة في مجموعها قد وقعت في خطأ التصور بأن الأمانة مرادفة للحرفية، حتى ولو أدى الأمر إلى الركاكة. أضف إلى هذا القصور في لغة المترجم أنه تعمد تركيب بعض الصيغ المصدرية غير المستساغة (مثل قوله إن مفيستوفليس ليس طيفا قروسطيا أو قروسطويا، ص118 و119. أو قوله ديالكتيك وحدي وجودي بدلا من أن يستخدم صيغة الإضافة، فيقول طيف من القرون الوسطى أو جدل وحدة الوجود) كما استخدم بعض الكلمات الأجنبية التي استقرت ترجمتها العربية، بحيث تغني عنها (مثل ديالكتيك بدلا من جدل، والبلاستيكية بدلا من النحت أو الطابع النحتي والفينومينولوجيا بدلا من الظاهريات والشظية بدلا من الشذرة). بجانب استخدامات أخرى غريبة كوصفه محاولة موسوعية بأنها متنطعة (ص108) والمنطق والاكتمال بأنهما تنطعيان (ص111)، ولعله يقصد أنها مفتعلة أو مصطنعة أو متعسفة. (8)
يتكرر في الترجمة مصطلح «العاصفة والتأزم» ترجمة للأصل الألماني،
Sturm und Drang
وترجمته الإنجليزية
Storm and Stress
والأصح هو العصف والدفع عنوان الحركة الأدبية التي ذكرناها في سياق هذا العرض. كذلك يترك المترجم المصطلح اللاتيني الذي يدل عند اسبينوزا على أسمى الانفعالات الأخلاقية وغايتها، وهو المحبة العقلية لله بدون ترجمة
Неизвестная страница