التي أيدوه فيها على بكر، واجتاحوا المدينة، وقتلوا ابنه محمدا، واستمروا ينازعونه عليها، ويناهضونه فيها سنتين كاملتين١ فقال موسى٢ بن عبد الله بن خازم يتحسر لاغتيال تميم أخاه محمدا، وما نجم له من تفرق صفوف تميم وقيس وتناحرهم، بعد أن كانوا متحالفين متعاونين على خصومهم من بكر، ويحتج كذلك لاقتصاص أبيه منهم، وملاحقته لهم، فإنهم هم الذين نكثوا العهد، ونقضوا الحلف، وهم الذين عادوه وقاتلوه، وهم الذين أصروا على مخالفتهم له ومنازعتهم إياه. وهو لذلك حين ينتقم منهم، فإنه لا يجور عليهم، بل يجزيهم سوءا بسوء٣:
ومن عجب الأيام والدهر أصبحت ... تميم وقيس بالرماح تشاجر
وكنا يدا حتى سعى الدهر بيننا ... ففرقنا والدهر فيه الدوائر٤
يفرق ألافا ويترك عالة ... أناسا لهم وفر من المال وافر٥
هم بدأونا بالقطيعة وارتضوا ... له خطة لا يرتضيها المعاشر٦
_________
١ الطبري ٧: ٥٩٥.
٢ جاء في معجم الشعراء للمرزباني في ذكر من اسمه مرداس ص: ٢٧٤: "مرداس ... تميم بخراسان، وكانت تميم قتلت ابنه محمد بن عبد الله". ففي النص نقص وتخليط، لأن المعروف أن عبد الله بن خازم كان له خمسة أبناء، وهم "موسى، ومحمد، ونوح، وخازم، وإسحاق" "انظر جمهرة أنساب العرب ص: ٢٦٢". أما محمد فقتله بنو تميم بهراة سنة خمس وستين. "انظر الطبري ٧: ٥٩" وأما موسى فقتله المفضل بن المهلب بن أبي صفرة بالترمذ سنة خمس وثمانين "انظر الطبري ٧: ١١٥٤" وأما أبناؤه الثلاثة الآخرون فلم يكن لهم شأن ولا ذكر بخراسان. ولعل الصحيح أن الأبيات لموسى بن عبد الله بن خازم، ومما يقوي ذلك أنه كان شاعرا، "انظر معجم الشعراء ص: ٢٨٧" ولعل النص يستقيم على هذا النحو: "قال موسى بن عبد الله بن خازم، وكانت تميم قتلت أخاه محمد بن عبد الله بخراسان".
٣ معجم الشعراء ص: ٢٧٤.
٤ في الأصل: فصرفنا، وهو تحريف ظاهر. والدوائر: الدواهي والهزيمة والسوء والشر.
٥ العالة: الذي يتكفل غيره به، وينفق عليه. والوافر: الكثير وفي الأصل داثر. والدثر: المال الكثير من الإبل، ولم يستعمل داثر بهذا المعنى.
٦ المعاشر: القريب والصديق.
1 / 84