أخيرا طالعتهما البوابة العملاقة.
22
ها هو موجود الديناري. ها هو وجهه الذي لا يفصح عن شيء. مثلا أمامه في ذل واستسلام. ولما لم يتكلم أو يوح برغبة في الكلام قال شطا: ليس في نيتي الاعتذار، ذنبي أكبر من ذلك، ولكني جئت مسلما نفسي لتقضي بما تشاء.
لزم المعلم الصمت. ترى أيخفي وراء الصمت غضبا؟ أم سخرية أم عبثا؟ ونفد صبر وداد فقالت: لن نسألك شيئا لأنفسنا، ولكننا نطلب الرحمة لأهلنا الأبرياء. - لم يتغير مظهره ولكنه تساءل بهدوء: ماذا يشكو أهلكم؟ - إنهم يعانون العقاب الذي استحققناه نحن. - هل تحريتم ذلك عند أهلكم؟ - كانت دارك مقصدنا الأول، ولكن ذلك ما بلغنا في مهجرنا. - كذب ما بلغكم!
فذهل شطا كما ذهلت وداد، أما المعلم فقال: إني فتوة الحارة وحاميها وليس من مذهبي أن آخذ البريء بالمذنب.
فقال شطا بحماس: هذا هو المأثور عن شهامتك. - ولكنكما صدقتما ما بلغكما مما يقطع بسوء ظنكما بي.
فتمتم شطا استحياء: الغربة أفسدت عقلنا. - ما دام هذا التصور الخاطئ هو ما دفعكما إلى المجيء، فلكما أن ترجعا ولن يتعرض لكما أحد.
فهتف شطا الحجري: لا حياة لنا إلا أن تقضي في أمرنا بما أنت قاض. - لا أصدقك فقد عهدتك تقول قولا وتفعل نقيضه. - كان الحرص على الشرف وراء كل فعل فعلته. - إذن أنت تتهمني بأنني أكلفك بما يناقض الشرف!
فقال شطا بحماس: معاذ الله يا معلمي، ولكنك تضن علي بإدراك مطالبك. - إما أنني عاجز عن التعبير وإما أنك عاجز عن الإدراك.
فقال شطا وهو يعاني مرارة القهر: أعترف بعجزي، ولكن ما حيلتي؟ لقد أرسلت إليك من يسألك عن شروطك للعفو عني فكان الجواب «قل للأعمى أن يستمر.» أستمر في ماذا؟ فكرت في إصلاح الخطأ فماذا كانت النتيجة؟!
Неизвестная страница