Шарх Бухнир на учение Дарвина
شرح بخنر على مذهب دارون
Жанры
4
وهكذا سائر أنواع القرود والنصف قرود أيضا، ففي سائر هذه الحيوانات وضع عظام الرسغ واحد، ولها من العضلات القابضة والباسطة القصيرتان والقصبية الطويلة، مما يجعل القائمة الخلفية تشريحيا رجلا لا يجوز توهمها يدا؛ لذلك يرفض هكسلي تسمية ذوات الأربع أيدي ، ولا يعتبر الإنسان سوى طائفة خصوصية من البريمات، ولا يجوز غير ذلك حتى ولو كان الفرق بين رجل الإنسان ورجل الكورلا أعظم مما ذكر أيضا، والفرق أعظم بين تكوين رجل الأوران أوتان مثلا، والكورلا منه بين الكورلا والإنسان.
ويؤكد هكسلي أنه لا يوجد فرق جوهري كذلك بين باقي الأعضاء، كالعضلات والأحشاء والأسنان والدماغ ... إلخ، فالتسنين الذي هو أوضح الأدلة على تقارب ذوات الثدي واحد في الإنسان والكورلا، من حيث عدد الأسنان وأنواعها وتكوين التاج، والفرق بينهما في أشياء عرضية فقط، وربما كان أعظم بين أنواع القرود المختلفة. وقد بين شفهوزن أن أسنان اللبن في الإنسان لا فرق بينها وبين أسنان القرد بشيء؛ لأن الأضراس الكاذبة التي تنبت فيما بعد، والتي تتميز بتاج صغير وجذور ملتصق بعضها ببعض لا توجد في التسنين الأول، ويوجد مكانها أضراس صحيحة ذات تاج وجذور أشبه بما في القرد؛ أي إن الإنسان يكون في التسنين الأول أدنى في التكوين - أي أقرب - إلى أصله، ولا يبلغ الإنسانية حقيقة إلا في التسنين الثاني. وفي هذا التسنين أيضا تشبه أسنان الإنسان أسنان القرود العليا في جميع صفاتها ما خلا الحجم. وقد استنتج شفهوزن من ذلك «أن الإنسان كان في السابق يعيش على الأثمار.» وبناء القرود العليا يشبه بناء الإنسان في كثير من الأمور التشريحية، وقد بين هكسلي أنه في تشريح جثث البشر كثيرا ما تلتقي العضلات موضوعة كما في القرود تقريبا، «وعليه فالمشابهة بين الإنسان والصور الأدنى منه - كما يقول شفهوزن - ليست في الحياة الجنينية فقط كما هو معروف من زمان طويل، بل في حالة نموه وبلوغه الكمال أيضا، ولا يزول أثرها إلا شيئا فشيئا.» وعلى قول هذا المؤلف يوجد من المشابهة بين القرود والإنسان في بناء ثلاث من أعظم الحواس «العين والأذن والجلد»، ما ليس لباقي ذوات الثدي، «فالقرد بعد الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي له الجسيمات الحساسة التي تحس بأخف التأثيرات، وهو الوحيد أيضا الذي له البقعة الصفراء في الشبكية، والذي الدهليز فيه (الأذن الباطنة) شبيه بما في الإنسان، خلافا لأنصاف القرود التي يختلف فيها ذلك عنه.»
وآخر دعوى وأقواها أيضا لفصل الإنسان عن الحيوان تشريحيا كانت الدماغ، على أنه وجد بعد الفحص الدقيق أن لا فرق بينه وبين أدمغة باقي الحيوان من حيث البناء التشريحي. ولما كان هذا العضو مهما جدا كان لا بد من بسط الكلام عليه، فأقول:
إن الأستاذ أون أحد مشاهير مشرحي الإنكليز سعى من بين كثيرين آخرين في أن يجد في دماغ الإنسان فاصلا يفصله عن الحيوان، ويضعه في صف خاص بين ذوات الثدي، فذكر لذلك ثلاث صفات، وهي؛ أولا: الفصان الخلفيان للدماغ المغطيان المخيخ والمطفان عليه، ثانيا: القرن الخلفي للتجويفين الجانبيين الكبيرين، ثالثا: الرجل الصغيرة لفرس البحر، ويراد بها عقدة صغيرة بيضاء مستطيلة مستقرة في الجدار الإنسي للقرن الخلفي أو في قعره تنشأ من شرم أو التواء وحشي مقابل. فعلى زعم أون أن هذا التكوين الذي هو أكمل هنا منه في الحيوان، يجب أن يضع الإنسان في صف قائم بنفسه بين ذوات الثدي سمي صف الأرشنسفال؛ أي المتسلط، تمييزا له عن صف الجيرنسفال؛ أي الخاضع.
ولما انتشر مقال أون سنة 1847 كثرت مناقضات العلماء له نظير رولستون وهكسلي وفلوار وغيرهم، وكثر البحث في دماغ القرود كذلك، وكانت النتيجة أن ما قاله أون مغلوط، وأنه استند في بعضه على رسوم مغلوطة وناقصة لدماغ شمبانزي، كان قد طبعها بعض المشرحين الهولانديين «فروليك وشرادرفان دركولك»؛ لأنهم تحققوا أن أدمغة القرود فيها كذلك القرن الخلفي للتجويفين الجانبيين، والرجل الصغيرة لفرس البحر وأن الفصين الخلفيين للدماغ فيها مطفان على المخيخ أيضا، وأحيانا أكثر مما في الإنسان.
5
ولزيادة الإسهاب فليراجع القسم الثاني من كتاب هكسلي في مقام الإنسان في الطبيعة.
وأما حجم الدماغ الذي ينبغي اعتباره أيضا، فقد بين هكسلي أن الفرق بين أصغر جمجمة بشرية، وأكبر جمجمة للكورلا وإن كان عظيما، إلا أنه أقل مما هو بين فروع البشر المختلفة. وقد قاس مورتون جماجم بشرية فبلغت مساحة أعظمها من الباطن 114 قيراطا وأصغرها 63 قيراطا، وقيل: إنهم رأوا جماجم هنود لا تتجاوز مساحتها 46 قيراطا، ومساحة أعظم جمجمة للكورلا لا تتجاوز 34 قيراطا؛ وعليه فإن حجم الدماغ يختلف من أدنى الإنسان إلى أعلاه أكثر مما يختلف بين الإنسان والقرد. وأما تلافيف الدماغ التي أرادوا أن يجعلوها امتيازا خاصا بالإنسان، فإنها موجودة في دماغ القرود، وبالغة كل درجات النمو من الدماغ الملس للنسناس إلى دماغ الأوران أوتان والشمبانزي، الذي قلما تختلف تلافيفه عن تلافيف دماغ الإنسان.
وهكذا أي عضو أو أي جهاز فحصناه كان لنا نفس النتيجة التي ذكرها هكسلي، والتي هي خلاصة أبحاثه؛ وهي أن الفرق من حيث البناء أقل بين الإنسان والقرد منه بين طوائف القرود المختلفة.
Неизвестная страница