الفصل التاسع فى حكم الأجرة على الإقراء وقبول هدية القارئ
أما الأجرة: فمنعها أبو حنيفة (١) والزهرى وجماعة؛ لقوله ﵇: «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به» (٢).
ولأن حصول العلم متوقف على معنى (٣) من قبل المتعلم [فيكون ملتزما بما] (٤) لا يقدر على تسليمه؛ فلا يصح.
قال فى «الهداية»: وبعض المشايخ (٥) استحسن الإيجار على تعليم القرآن اليوم؛ لأنه قد ظهر التوانى فى الأمور الدينية، وفى الامتناع من ذلك تضييع حفظ القرآن، فأجازها (٦) الحسن (٧) وابن سيرين (٨) والشعبى (٩) إذا لم يشترط.
_________
(١) هو النعمان بن ثابت بن كاوس بن هرمز. ينتسب إلى تيم بالولاء. الفقيه المجتهد المحقق الإمام، أحد أئمة المذاهب الأربعة، قيل: أصله من أبناء فارس، ولد ونشأ بالكوفة. كان يبيع الخز ويطلب العلم، ثم انقطع للدرس والإفتاء. قال فيه الإمام مالك «رأيت رجلا لو كلمته فى هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته»، وعن الإمام الشافعى أنه قال: «الناس فى الفقه عيال على أبى حنيفة». له «مسند» فى الحديث، و«المخارج» فى الفقه، وتنسب إليه رسالة «الفقه الأكبر» فى الاعتقاد، ورسالة «العالم والمتعلم». ينظر: الأعلام للزركلى (٩/ ٤)، والجواهر المضية (١/ ٢٦)، و«أبو حنيفة» لمحمد أبى زهرة، والانتقاء لابن عبد البر (١٢٢ - ١٧١)، وتاريخ بغداد (١٣/ ٣٢٣ - ٤٣٣).
(٢) أخرجه الطبرانى فى الأوسط (٨/ ٣٤٤) (٨٨٢٣) عن أبى هريرة بلفظ: «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه تعلموا القرآن ...» الحديث وذكره الهيثمى فى المجمع (٧/ ١٧١) وقال: رواه الطبرانى فى الأوسط عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن شبل الأنصارى. أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٨، ٤٤٤) ولفظه: «اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به ...» الحديث. وقال الهيثمى فى المجمع (٧/ ١٧٠، ١٧١): رواه أحمد والبزار بنحوه ورجال أحمد ثقات.
(٣) فى م: معين.
(٤) سقط فى ز، م.
(٥) فى ص: الأشياخ.
(٦) فى د: وأجازوها.
(٧) هو الحسن بن يسار البصرى، أبو سعيد. تابعى، كان أبوه يسار من سبى ميسان، ومولى لبعض الأنصار. ولد بالمدينة وكانت أمه ترضع لأم سلمة. رأى بعض الصحابة، وسمع من قليل منهم.
كان شجاعا، جميلا، ناسكا، فصيحا، عالما، شهد له أنس بن مالك وغيره. وكان إمام أهل البصرة. كان أولا كاتبا للربيع بن سليمان والى خراسان، ولى القضاء بالبصرة أيام عمر ابن عبد العزيز. ثم استعفى. نقل عنه أنه قال بقول القدرية، وينقل أنه رجع عن ذلك، وقال: الخير والشر بقدر. ينظر: تهذيب التهذيب (٢/ ٢٦٣ - ٢٧١)، والأعلام للزركلى (٢/ ٢٤٢)، و«الحسن البصرى» لإحسان عباس.
(٨) هو محمد بن سيرين الأنصارى مولاهم أبو بكر البصرى إمام وقته. روى عن مولاه أنس وزيد بن ثابت وعمران بن حصين وأبى هريرة وعائشة وطائفة من كبار التابعين. وروى عنه الشعبى وثابت، وقتادة وأيوب ومالك بن دينار وسليمان التيمى وخالد الحذاء والأوزاعى وخلق كثير قال أحمد: لم يسمع من ابن عباس. وقال خالد الحذاء: كل شىء يقول نبئت عن ابن عباس إنما سمعه من عكرمة أيام
⦗٦٨⦘
المختار قال ابن سعد: كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم. وقال أبو عوانة: رأيت ابن سيرين فى السوق فما رآه أحد إلا ذكر الله تعالى وقال بكر المزنى: والله ما أدركنا من هو أورع منه وروى أنه اشترى بيتا، فأشرف فيه على ثمانين ألف دينار، فعرض فى قلبه منه شىء فتركه. وقال جرير بن حازم: سمعت محمدا يقول رأيت الرجل الأسود ثم قال: أستغفر الله ما أرانا إلا قد اغتبناه. وروى أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما قال حمّاد بن زيد: مات سنة عشر ومائة. ينظر:
الخلاصة (٢/ ٤١٢ - ٤١٣).
(٩) هو عامر بن شراحيل الشعبى. أصله من حمير. منسوب إلى الشعب (شعب همدان) ولد ونشأ بالكوفة. وهو راوية فقيه، من كبار التابعين. اشتهر بحفظه. كان ضئيل الجسم. أخذ عنه أبو حنيفة وغيره. وهو ثقة عند أهل الحديث. اتصل بعبد الملك بن مروان. فكان نديمه وسميره.
أرسله سفيرا فى سفارة إلى ملك الروم. خرج مع ابن الأشعث فلما قدر عليه الحجاج عفا عنه فى قصة مشهورة. ينظر: تذكرة الحفاظ (١/ ٧٤ - ٨٠)، والأعلام للزركلى (٤/ ١٩)، والوفيات (١/ ٢٤٤)، والبداية والنهاية (٩/ ٤٩)، وتهذيب التهذيب (٥/ ٦٩).
1 / 67