ولا يتخطى رقاب الناس، ويجلس حيث انتهى (١) به المجلس، إلا أن يصرح له الشيخ والحاضرون بالتقدم (٢) والتخطى، أو يعلم من حالهم إيثار ذلك، ولا يقيم (٣) أحدا من مجلسه، فإن آثره غيره بمجلسه لم يأخذه إلا أن يكون فى ذلك مصلحة للحاضرين؛ بأن يقرب [من الشيخ] (٤) ويذاكره فينتفع الحاضرون بذلك (٥)، ولا يجلس وسط الحلقة إلا لضرورة، ولا بين صاحبين إلا برضاهما، وإذا فسح له قعد وضم نفسه، ويحرص (٦) على القرب من الشيخ ليفهم كلامه فهما كاملا بلا مشقة، وهذا بشرط ألا يرتفع فى المجلس على أفضل منه، ويتأدب مع رفيقه وحاضرى المجلس؛ فإن التأدب معهم تأدب مع الشيخ (٧) واحترام لمجلسه.
ويقعد قعدة المتعلمين لا قعدة المعلّمين؛ وذلك بأن (٨) يجثو على ركبتيه كالمتشهد، غير أنه لا يضع يديه على فخذيه، وليحذر من جعل يده اليسرى خلف ظهره معتمدا عليها؛ ففي الحديث: «إنّها قعدة المغضوب عليهم» رواه أبو داود فى سننه (٩)، ولا يرفع صوته رفعا بليغا، ولا يكثر الكلام، ولا يلتفت بلا حاجة، بل يقبل على (١٠) الشيخ مصغيا له (١١) فقد جاء: «حدّث النّاس ما رمقوك (١٢) بأبصارهم» أو نحوه.
ولا يسبقه إلى شرح مسألة أو جواب سؤال، إلا إن علم (١٣) من حال الشيخ إيثار ذلك ليستدل به على فضيلة المتعلم، ولا يقرأ عند اشتغال قلب الشيخ، ولا يسأله عن شىء فى غير موضعه، إلا إن علم من حاله أنه لا يكرهه، ولا يلح فى السؤال إلحاحا مضجرا، وإذا مشى معه كان عن يمين الشيخ، ولا يسأله فى الطريق، وإذا وصل الشيخ إلى منزله فلا يقف قبالة بابه؛ كراهة (١٤) أن يصادف خروج من يكره الشيخ اطلاعه عليه، وليغتنم (١٥) سؤاله
_________
(١) فى م: ينتهى.
(٢) فى م: بالتقديم.
(٣) فى ز: يقم.
(٤) سقط من م.
(٥) فى م: بها.
(٦) فى ص، د، ز: يحترص.
(٧) فى د، ز، ص: للشيخ.
(٨) فى م، ز: وذلك أن.
(٩) أخرجه أحمد (٤/ ٣٨٨) وأبو داود (٢/ ٦٧٩) كتاب الأدب باب فى الجلسة المكروهة (٤٨٤٨) وابن حبان (١٩٥٦ - موارد) والطبرانى فى الكبير (٧/ ٣٧٨) (٧٢٤٢، ٧٢٤٣) والحاكم (٤/ ٢٦٩) من طريق ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد قال: مر بى رسول الله ﷺ وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدى اليسرى خلف ظهرى واتكأت على ألية يدى فقال: «أتقعد قعدة المغضوب عليهم» وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ووافقه الذهبى.
(١٠) فى د: إلى.
(١١) فى م: إليه.
(١٢) فى د، ز، ص: ما رموك.
(١٣) زاد فى د: أن.
(١٤) فى م: كرهة.
(١٥) فى د: ويغتنم.
1 / 40