صحبته.
وقال بعضهم: كنت عند شريك (١) - رحمه الله تعالى- فأتاه بعض أولاد المهدى (٢)، فاستند إلى الحائط وسأله عن حديث، فلم يلتفت إليه وأقبل (٣) إلينا، ثم عاد، فعاد بمثل (٤) ذلك، فقال: أتستخف بأولاد الخلفاء؟ قال: [لا] (٥)، ولكن العلم أجلّ عند الله أن أضعه (٦). فجثا على ركبتيه، فقال شريك: هكذا يطلب العلم.
قالوا: من آداب المتعلم أن يتحرى رضا المعلّم وإن خالف (٧) رضا نفسه، ولا يفشى له سرّا، وأن يرد غيبته إذا سمعها، فإن عجز فارق ذلك المجلس، وألا يدخل عليه بغير إذن، وإن دخل جماعة قدموا (٨) أفضلهم وأسنّهم، وأن يدخل كامل الهيئة، فارغ القلب من الشواغل، متطهرا متنظفا بسواك وقصّ (٩) شارب وظفر، وإزالة كريه رائحة، ويسلم على الحاضرين كلهم بصوت يسمعهم إسماعا محققا، ويخص الشيخ بزيادة إكرام، وكذلك يسلم إذا انصرف، ففي الحديث الأمر بذلك (١٠).
_________
(١) هو شريك بن عبد الله بن أبى شريك النخعى أبو عبد الله الكوفى قاضيها وقاضى الأهواز عن زياد ابن علاقة وزبيد وسلمة بن كهيل وسماك وخلق. وعنه هشيم وعباد بن العوام وابن المبارك، وعلى ابن حجر ولوين وأمم قال أحمد: هو فى أبى إسحاق أثبت من زهير. وقال ابن معين: ثقة يغلط.
وقال العجلى: ثقة. قال يعقوب بن سفيان: ثقة سيئ الحفظ. قال الخطيب: حدث عنه أبان بن تغلب وعباد الرواجنى وبين وفاتيهما أكثر من مائة سنة. قال أحمد: مات سنة سبع وسبعين ومائة. له فى الجامع فرد حديث. ينظر خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (١/ ٤٤٨).
(٢) هو محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن على العباسى، أبو عبد الله، المهدى بالله: من خلفاء الدولة العباسية فى العراق.
ولد بإيذج من كور الأهواز وولى بعد وفاة أبيه وبعهد منه سنة ١٥٨ هـ وأقام فى الخلافة عشر سنين وشهرا، ومات فى ما سبذان سنة ١٦٩ هـ، صريعا عن دابته فى الصيد، وقيل مسموما. كان محمود العهد والسيرة، محببا إلى الرعية، حسن الخلق والخلق، جوادا، يقال: إنه أجاز شاعرا بخمسين ألف دينار؟ وكان يجلس للمظالم ويقول: أدخلوا على القضاة فلو لم يكن ردى للمظالم إلا حياء منهم لكفى. وهو أول من مشى بين يديه بالسيوف المصلتة والقسى والنشاب والعمد، وأول من لعب بالصوالجة فى الإسلام. وهو الذى بنى جامع الرصافة، وتربته بها، وانمحى أثر الجامع والتربة بعد ذلك. ينظر الأعلام (٦/ ٢٢١) وفوات الوفيات (٢/ ٢٢٥) ودول الإسلام للذهبى (١/ ٨٦).
(٣) فى د: فأقبل.
(٤) فى م، د: مثل.
(٥) سقط فى ص.
(٦) فى م: أضيعه.
(٧) فى د: يخالف.
(٨) فى م: قدم.
(٩) فى م: وقصر.
(١٠) قد أشار النووى فى مقدمة المجموع إلى أن هناك من ينكر الأمر بذلك، إلا أنه قال: «ولا التفات إلى من أنكره» وأشار- ﵀ إلى أنه قد أوضح هذه المسألة فى كتاب الأذكار. ينظر: المجموع (١/ ٦٧).
1 / 39