على ثبوت الحصر مطلقًا كيف كان المبتدأ وخبره، غير أنه إذا كان الخبر نكرة يقع الحصر في الخبر دون نقيضه وضده، ولا يمنع هذا الحصر ثبوت الخلاف، فإذا قلت زيد قائم فقد أثبت له مطلق القيام، فهي موجبة جزئية مطلقة، ونقيض الموجبة الجزئية، السالبة الدائمة الكلية، ولا شك في أن هذا النقيض كاذب إذ لو صدقت السالبة الدائمة لما صدقت المطللقة المفروض صدقها، لكنها صادقة، وكذلك كل ما يضاد مطلق القيام يجب نفيه، بل كل ما هو شرط في ثبوت مطلق القيام يجب ثبوته، وكل ما هو مانع من مطلق القيام يجب نفيه لضرورة صدقه.
نعم يجوز ثبوت ما هو خلاف القيام مثل نحو كونه فقيهًا أو شجاعًا أو شيخًا فاضلًا، فإن هذه الأمور كلها يمكن ثبوتها مع قولنا قائم، وهي أمور تخالف مطلق القيام ولا تضاده ولا تناقضه، فهذا تحرير الحصر مع التنكير، وأما مع التعريف فيجب سلب الخلاف أيضًا فلا يوصف بغير ذلك الخبر فتقتضي الصفة أنه ليس موصوفًا إلا بتلك الصفة خاصة؛ فإن كان في الواقع له صفة غيرها فهو تخصيص لعموم الحصر. فقوله ﵊ «تحليلها التسليم» يقتضي أن المصلي لا يخرج من حرمات الصلاة إلى حلها إلا بالتسليم دون جميع الصفات من الأضداد والنقائض والخلافات، فإن الكل ساقط عن الاعتبار إلا بالتسليم، وكذلك قوله ﵊: «تحريمها التكبير» يقتضي أنه لا يدخل في حرماتها إلا بالتكبير دون جميع الأمور المتوهمة.
وأما قوله ﵊: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» فروي برفع ذكاة الثانية وبنصبها، وتمسك المالكية والشافعية بالرفع على أن الجنين إذا خرج وقد كمل خلقه ميتًا بعد ذكاة أمه أكل، لأنه ﵊ حصر ذكاة الجنين في ذكاة أمه فيكون داخلًا فيها ومندرجًا فيؤكل بذكاة أمه التي فيها ذكاته، ولا يفتقر إلى ذكاة أخرى، واحتج الحنفية برواية النصب على أنه يستقل بذكاة نفسه وإذا لم يذكى لم يؤكل لأن النصب يقتضي أن يكون التقدير ذكاة الجنين أن يذكى ذكاة
1 / 59