في هذا أن كان ويكون يعبَّر بهما عن كل الأفعال، تقول: كان زيد يقوم، وكان زيد يجلس، وما أشبه ذلك، فلما كثر استعمالهم لكان ويكون حذفت النون من يكن، وشبهت بحروف المد واللين فحذفت كما يحذفن، والدليل على إنها مشبهة بحروف المد واللين إنها لا تحذف في موضع تكون فيه متحركة، لا يجوز أن تقول: (لم يك الرجل منطلقا) لأنها في موضع حركة؛ لأنك تقول: لم يكن الرجل منطلقا. وقوله: (فسلي ثيابي من ثيابك) - يعني قلبه من قلبها - أي خلصي قلبي من قلبك.
(أَغَرَّكِ مِنِّي أن حُبَّكِ قَاتِلِي ... وَأَنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ)
(أغرك) أي أحملك على الغرة، وهو فعل من لم يجرب الأمور، و(أن حبك) في
موضع رفع، كأنك قلت: أغرك مني حُبِّيك. وتأمري: في موضع جزم بمهما. قال الخليل: الأصل في مهما (ما ما) فما الأولى تدخل للشرط في قولك: (ما تفعل أفعل)، وما الثانية زائدة للتوكيد، وقال الفراء: كان في مهما ما، فحذفت العرب الألف منها، وجعلت الهاء خلفا منها، ثم وصلت بما، فدلت على المعنى، وصارت هي كأنها صلة لما، وهي في الأصل اسم، وكذلك مهمن قال الشاعر:
أَمَاوِيَّ مَهْمَنْ يَسْتَمِعْ فِي صَدِيقِهِ ... أَقَاوِيلَ هذا النَّاس مَاوِيَّ يَنْدَم
وقيل: معنى مه، أي كُف كما تقول للرجل إذا فعل فعلا لا ترضاه منه (مه) أي كف، والمعنى: فانك مهما تأمري قلبك يفعل لأنك مالكة له، وأنا ل أملك قلبي، وقال قوم: المعنى مهما تأمري قلبي يفعل لأنه مُطيع لك.
(وَمَا ذَرَفَتْ عَيْنَاكِ إِلاَّ لِتَضْرِبِي ... بِسَهْمَيْكِ فيِ أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ)
ذرفت: دمعت، ومقتل: مذلل منقاد، وقوله: (إلا لتضربي بسهميك)
1 / 22