203

Шарх Нахдж аль-Балага

شرح نهج البلاغة

Редактор

محمد عبد الكريم النمري

Издатель

دار الكتب العلمية

Номер издания

الأولى

Год публикации

1418 AH

Место издания

بيروت

وقوله : وقى الله شرها ، دليل على تصويب البيعة ، لأن المراد بذلك أن الله تعالى دفع شر الاختلاف فيها .

فأما قوله : فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ؛ فالمراد من عاد إلى أن يبايع من غير مشاورة ولا عدد يثبت صحة البيعة به ، ولا ضرورة داعية إلى البيعة ، ثم بسط يده على المسلمين يدخلهم في البيعة قهرا ، فاقتلوه .

قال قاضي القضاة رحمه الله تعالى : وهل يشك أحد في تعظيم عمر لأبي بكر وطاعته إياه ! ومعلوم ضرورة من حال عمر إعظامه له ، والقول بإمامته والرضا بالبيعة والثناء عليه ، فكيف يجوز أن يترك ما يعلم ضرورة لقول محتمل ذي وجوه وتأويلات ! وكيف يجوز أن تحمل هذه اللفظة من عمر على الذم والتخطئة وسوء القول . واعلم أن هذه اللفظة من عمر مناسبة للفظات كثيرة كان يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطينة وجفاء الطبيعة ، ولا حيلة له فيها ؛ لأنه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها ، ولا ريب عندنا أنه كان يتعاطى أن يتلطف ، وأن يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة ، فينزع به الطبع الجاسي ، والغريزة الغليظة ، إلى أمثال هذه اللفظات ، ولا يقصد بها سوءا ، ولا يريد بها ذما ولا تخطئة ، كما قدمنا من قبل في اللفظة التي قالها في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاللفظات التي قالها عام الحديبية وغير ذلك ، والله تعالى لا يجازي المكلف إلا بما نواه ، ولقد كانت نيته من أطهر النيات وأخلصها لله سبحانه وللمسلمين . ومن أنصف علم أن هذا الكلام حق ، وأنه يغني عن تأويل شيخنا أبي علي .

Страница 17