في هذه الألفاظ القلائل، وقد جاء مثل الطغرائي بمثله كثير في كلام الشعراء (١)، كقول أبي تمام (٢): (من الطويل)
وَرَكبٍ كَأَطرافِ الأَسِنَّةِ عَرَّسوا ... عَلى مِثلِها وَاللَيلُ تَسطو غَياهِبُه
فاستغنى بقوله: بمثلها من أن يقول: على نوق كأطراف الأسنة.
قال الشارح: وقريب من هذه المادة، أعني قول الطغرائي وغيره بمثله، قول أبي العتاهية فيما أظن (٣): (من الرمل)
حُلِقَتْ لِحيَةُ موسى بِاسمِهِ ... وَبِهارونَ إِذا ما قُلِبا
إنّ هارون إذا ما قلبا ... صيّر الذقن سريعا عجبا
كتب الشيخ جمال الدين الموقاني إلى جمال الدين موسى بن يعمور، وقد أهدى له موسى: (من الطويل)
وأهديت موسى نحو موسى وإن يكن ... قد اشتركا في الاسم ما أخطأ العبدُ (٤)
فهذا له حَدٌّ ولا فضلَ عنده ... وهذا له فضلٌ وليس له حدُّ
وقال الشارح ملغزا في موسى (٥): (مخلع البسيط)
رأيت في جلَّقٍ غزالًا تحار في جسنه العيون
فقلت ما الاسم قال موسى قلت هنا تُحلقُ الذُّقون
ومن محاسن الأجوبة أنّ بعضهم أراد أن يشتري جارية عُرِضَتْ عليه، فقال لها: كم دُفِع فيكِ، فقالت:/ وما يعلم جنود ربك إلاّ هو. ... [٢٦ أ]
وقيل: إنّ رجلًا رمى عصفورا فأخطأه، فقال آخر: أحسنت، فغضب وقال: أتهزأ بي، قال: لا، إنما قلت أحسنت إلى العصفور.
قال المدائني: قال رجل من أهل الحجاز لابن شبرمة: العلم من عندنا خرج، قال: صدقت، إلاّ أنه لم يرجع إليكم.
حُلْوِ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ ... بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
_________
(١) هذه العبارة ركيكة، وقد جاءت في الغيث المسجم ١/ ٢٦٠ هكذا: ومثل قول الطغرائي بمثله في كلام الشعراء كثير.
(٢) ديوانه، ص ٤٨
(٣) لم أجدهما في المطبوع من ديوانه، والبيت الأول فقط في الغيث المسجم ١/ ٢٦١.
(٤) البيت في الغيث المسجم ١/ ٢٦١
(٥) لقد أخطا الدميري هنا، فهذان البيتان لجمال الدين محمد بن نباتة، ديوانه / (م) أمَّا بيتا الصفدي - الشارح - فهما:
وما شيءٌ له حدٌّ وخدٌّ ... يكلِّم مَنْ يلامسُه بحقِّهْ
وكلٌّ حلقُه من تحت رأسٍ ... وهذا الرأس يصبح تحت حلقه.
ومرجع الخطأ أن بيتي ابن نباتة جاءا بعد بيتي الصفدي، فوقعت عين المختصِر - الدميري - علي بيتي ابن نباتة، انظر الغيث المسجم ١/ ٢٦٢
1 / 45