/والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني ... من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ [٢٢ أ]
اللغة: الدهر: الزمان، قال الشاعر: (من الخفيف)
إِنَّ دَهرًا يَلُفُّ شَملي بِليلي ... لَزَمانٌ يَهُمُّ بِالإِحسانِ (١)
ويُجمع على دُهور، ويقال: الدهر الأبد، وقولهم: دهر داهر، أبدٌ آبد،، ودهر دهارير، أي شديد، كقولهم: ليلة ليلاء، ونهار أنهر، ويومٌ أيوم، وساعة سوعاء، وفي الحديث: لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر؛ لأنهم كانوا يضيفون النوازل إليه، فقيل لهم: لا تسبّوا فاعل ذلك بكم، فإن ذلك الفاعل هو الله، والدُّهري: الملحد، بضم الدال، وَهِمَ الشارح، فقال بفتح الدال، وهو معذور في ذلك؛ لأن الجوهري لم يذكر ذلك في بابه، إنما ذكره في .... (٢)، والعكس: ردُّك الشيء إلى أوله، الآمال: جمع أمل، وهو الرجاء، والقناعة: الرضا بما قُسِم، والغنيمة: واحدة الغنائم، معروفة، والكدّ: الشدّة في طلب الكسب، والقفل: الرجوع من السفر، والقافلة: الرفقة الراجعة من السفر، ولا يقال لها ذلك حقيقة إلاّ إذا كانت راجعة خاصة، وقولهم لها قافلة تفاؤلًا بالرجوع، وأول من نطق بهذا المثل امرؤ القيس، فإنه قال: (من الوافر)
وَقَد طَوَّفتُ في الآفاقِ (٣) حَتّى ... رَضيتُ مِنَ الغَنيمَةِ بِالإِيابِ
وقال عبيد بن الأبرص (٤): (من الوافر)
وَلَو لاقيْتُ عِلباءَ بنَ عمروٍ ... رَضِيْتُ مِنَ الغَنيمَةِ بِالإِيابِ
الإعراب: والدهر: الواو للابتداء، والدهر مرفوع على أنه مبتدأ، يعكس: فعل مضارع مرفوع؛ لتجرده من الناصب والجازم، آمالي: جمع أمل، وهو منصوب بيعكس، ولم يظهر النصب فيه؛ لأنه مضاف إلى ياء المتكلم، ويقنعني: الواو عطف / الفعل على [٢٢ ب] الفعل، من الغنيمة: جار ومجرور، بعد الكدّ: ظرف، ومخفوض به، بالقفل: جار ومجرور، فالدهر في البيت مبتدأ، وخبره يعكس، كأنه قال: الدهر عاكس آمالي، يقنعني موضعه الرفع عطفا على الخبر، والياء فيه مفعول أول، وبالقفل مفعول ثان له، ومن الغنيمة متعلق بيقنع، والجملة كلها من يقنع إلى آخره في موضع الرفع على أنه خبر معطوف على خبر المبتدأ، والبيت كله في موضع النصب على الحال لما في أريد بسطة كفٍّ في حالة
_________
(١) نسب هذا البيت لكل من: حسان بن ثابت، وعمر بن أبي ربيعة، وهو في ديوان حسان / (م): يلف شملي بِجُملٍ، وفي ديوان عمر، ص ١٦٣: يلف شملي بسعدي.
(٢) فراغ بمقدار كلمة، وفي ب: في س.
(٣) كتبت بالآفاق، وما أثبتناه من ديوانه، ص ٤٣، ومن الغيث المسجم ١/ ٢٣٢
(٤) ديوانه / (م).
1 / 39