إِنَّ بِلالًا لَم تَشِنهُ أُمُّهُ ... لَم يَتَناسَب خالُهُ وَعَمُّهُ
وبقول الآخر (١): (من الطويل)
فتًى لم تلِدْه بنتُ عمّ قريبة ... فيضْوى وقد يَضوى رديدُ القرائبِ
انتهى.
وقد أنشدني في هذا المعنى الشيخ العلامة جمال الدين الشيرازي في سنة ستين بالقاهرة لبعض أهل اليمن (٢): (من الخفيف)
إن أَرَدْتَ الإنجابَ فانكِحْ غَريبًا ... وإلى الأقربينَ لا تَتَوسّلْ
فانتقاء الثِّمارِ طيبًا وحُسنًا ... ثَمرٌ غصنُهُ غريبٌ مُوَصّلْ
قوله: حنَّ: حنين الناقة صوتها في نزاعها إلى ولدها، والحنين في الآدمي الشوق، الراحلة: الناقة التي تصلح أنْ ترحل، أي يُوضع عليها الرحل، والرحل معروف، وقَرَى: القارية من السنان أعلاه، والعسّالة: الرِّماح، واحدها عَسَّال، عسل الرمح: اهتز واضطرب، الذبل: جمع ذابل، وهو من صفات الرمح، فالذبل صفة بعد أخرى، كأنه يصف الرماح بالخفة والرقة.
الإعراب: طال: فعل ماضٍ، اغترابي: فاعله، ولم يظهر فيه الرفع؛ لإضافته إلى ضمير المتكلم، وحتى هنا بمعنى إلى أن، فهي هنا دخلت على جملة فعلية، حنَّ: فعل ماضٍ أصله حنن، فاجتمع مثلان، سكن أحدهما فأدغم في الآخر، وحذف / تاء التأنيث ضرورة [١٥ ب] كما قال الشاعر (٣): (من المتقارب)
فلا مُزْنةٌَ وَدَقَتْ وَدْقَها ... ولا أَرْضَ أَبْقَلَ إبقالَها
كان ينبغي أن يقول: أبقلت؛ لأن الأرض مؤنثة، ولكن اضطره الوزن إلى ذلك فعنى بالأرض المكان، وهو مذكر، وكذلك الطغرائي، عنى بالراحلة الجمل، وهو مذكر، راحلتي: فاعل حنَّ، والضمة مقدرة على التاء؛ لاتصالها بضمير المتكلم، ورحلها: الواو عاطفة، ورحلها معطوف، وهو في موضع جر بالإضافة، وقَرَى كذلك، وهو مرفوع، ولكن لم يظهر الرفع؛ لأنه مقصور، العسَّالة: مجرور بالإضافة إلى قَرَى، والذبل: مجرور على أنه صفة لمجرور، وهو العسَّالة.
المعنى: طال اغترابي، وامتدّ سفري إلى أنْ حنَّت راحلتي، وحنَّ رحلها، وحنَّتْ أعالي رماحي إلى الدّعة والسكون والاستقرار، قال ﵇: السَّفر قطعة من العذاب، فإذا
_________
(١) أورد الخالديان البيت في الأشباه والنظائر، ص ٣٢٨/ (م) بلا عزو، وكذا في الإمتاع والمؤانسة، ص ١/ ٩٤، والبرصان والعرجان، ص ٢٤.
(٢) للباخرزي، ديوانه / (م).
(٣) لعامر بن جوين الطائي، الكامل ٢/ ٣٧٩، ٣/ ٩١خزانة الأدب ١/ ٤٥
1 / 28