299

5

[aphorism]

قال أبقراط: إذا عرض لسكران سكات بغتة فإنه يتشنج ويموت بغتة إلا أن يحدث به حمى أو يتكلم في الساعة التي ينحل فيها خماره.

[commentary]

الشرح هاهنا مباحث ثلاثة.

البحث الأول

في الصلة: وهو أنه قد علم أن التشنج على ثلاثة أنواع: امتلائي واستفراغي ولذعي، وقد تقدم منه الكلام في شيء من أحكام الاستفراغي، * وأخذ (59) في هذا الفصل يتكلم في شيء من أحكام الامتلائي واللذعي، وقدم ذكر أحكام الاستفراغي لأنه أخطر فيكون أهم وأولى بالذكر ليتدارك بالمعالجة، وذكر من الامتلائي ما كان سببه الشراب للطف مادته وقبوله للعلاج ولأن مادته فيها حرارة تعيننا في مداواته.

البحث الثاني

(60) في كيفية إيجاب الشراب لما ذكره: نقول: الشراب لطيف القوام حار المزاج رطبه مفرح. أما الأول فالدليل عليه سرعة تأثيره مع سرعة زواله. وأما الثاني فيدل عليه تسخينه للبدن وتعطيشه. وأما الثالث فيدل عليه ترطيبه للبدن ثم تخصيبه وزيادته في الدم إذا استعمل وهو معتدل في مزاجه ومقداره. وأما تفريحه فذلك ظاهر فيه، وذلك بصورته النوعية، والدماغ على محاذاة المعدة وهو في نفسه قابل لما يرد عليه لتخلخل جرمه ورطوبة مزاجه. وإذا كان حاله كذلك فيكون قبوله لتأثير الشراب أبلغ من قبول غيره لذلك التأثير. فإذا استعمل تبخر عنه أبخرة كثيرة الرطوبة لرطوبة مزاجه ورطوبة ما يستعمل معه من الأغذية لأنه في النادر أن يستعمل بمفردة، ومع كثرة أبخرة يكون نفاذه لما * ذكرناه (61) من لطف جوهره وحرارة مزاجه فيصعد إلى الدماغ لما ذكرنا من المحاذاة فيؤثر فيه لما ذكرنا من قبوله. فعندما يفعل ذلك يملأ بطونه فتشوش أولا أفعاله * لتمويجها (62) وحركة PageVW5P196B أرواحه لاضطرابها فيسكر لأنه لا معنى للسكر إلا ذلك. ثم إنها إذا ترادفت نفذت في مسالك الأعصاب إما لكثرتها وإما لدفع الدماغ لها لأن الأعصاب كالفروع له فتزيد في حجمها * بميلها (63) للفرج الحاصلة فيها فيزداد عرضها وينقص طولها، ولا معنى للتشنج الامتلائي إلا ذلك. وقد يوجب اللذعي إذا كان كثير المائية فإنه يستحيل عند الأعصاب لبردها إلى * الخلية (64) ، وعند ذلك يلذعها وينكيها فيحدث التشنج لكن أحداثه للأول أكثر. وقد يوجب اللذع إذا استعمل صرفا فإنه يحدث بلذع * الأعصاب (65) والدماغ. وفي هاتين الصورتين ينقبض * الدماغ (66) ثم يتشمر لدفع المؤذي فيحصل التشنج. ومتى حصل من الشراب ما * ذكرنا (67) تعذر على * القوة (68) المحركة لأعصاب الصدر * النفوذ (69) وعلى الأعصاب نفسها القبول للقوة المحركة والتحريك. وربما امتنع ذلك فتنطفئ الحرارة القلبية المحيية فبهذا الوجه يصير سببا للموت، فإن السكتة بمفردها توجب الموت فكيف مع التشنج، غير أن هذا القدر الحاصل من الشراب يكون زواله دفعة، لأن حدوثه دفعة لما ذكرنا فإن حصل من سخونة الشراب حرارة والحرارة بطبعها * توجب (70) التحليل. وقد علمت أن مادة * هذه (71) السكتة وهذا التشنج لطيفة. فإن قويت تلك الحرارة على تحليل الأبخرة الشرابية زال ما ذكرناه من الأعراض وفاق السكران وتكلم. وإن لم يحصل له حمى فينتظر الوقت المعتاد إن لم * ينحل (72) فيه خماره. فإن لكل سكران وقت معلوم يزول فيه خماره ويتكلم فيه، فإن لكله في الوقت المعلوم فيه * الذي (73) جرت عادته أن ينحل فيه خماره ويتكلم * فيه (74) ، وإلا * فيموت (75) . وهذا الوقت يختلف باختلاف الأشخاص في ضعف أدمغتهم وقبولها لتأثير الشراب، ويختلف أيضا من جهة الشراب نفسه في غلظه ولطافته. ولما كان الحال كذلك لم يكن لوقت انحلال الخمار وقت محدود. وإذا كان كذلك فيكون الألف واللام المذكوران في الساعة بمعنى المعهود السابق أي الساعة التي جرت العادة فيها * ينحل (76) خماره، لا * بمعنى (77) التغير. فإن هذا الوقت لا يحد لأنه يختلف بحسب ما ذكرنا. ولنا في السكتة كلام طويل قد ذكرناه في المقالة * الثانية (78) حيث * شرحنا (79) قوله «السكتة إن كانت قوية» إلى * آخره (80) .

البحث الثالث

Неизвестная страница