***174]
فإذا تحقق ذلك لك ينكشف على بصيرتك بشرط السلامة ورفض غبار العصبية أنه كل الأشياء باعتبار سريان الهوية وإطلاق السلطنة، وليس بشيء منها باعتبار الحد والتعين والنقص المعانق لهما. فليتأمل في قول مولى الموحدين وسلطان العارفين وأمير المؤمنين عليه السلام: "داخل في الأشياء لا بالممازجة وخارج عنها لا بالمزايلة" وقوله: "وحكم البينونة بينونة صفة لا بينونة عزلة".
فإذا أحطت بما ذكرنا مع إعمال لطف العزيمة وسلامة الذوق والسؤال من الحضرة العلمية بأبلغ اللسانين وأفصح المنطقين وأحسن القولين وأكرم الكلامين، أعني لسان الإستعداد ومنطق الفؤاد وذكر الباطن ودعاء القلب، بأن يفيض عليك من أبحار علومه قطرة ويتجلى على قلبك بالتجليات العلمي جلوة حتى تعرف بإذنه وانكشف لك بعونه وتوفيقه كيفية نيل الأشياء من ذاته لذاته بلا حيثية وحيثية وانكشاف الأشياء لديه بتعقل ذاته بذاته. وانفتح عليك مغزا قولهم: "علمه تعالى بالأشياء هو الكشف التفصيلي في عين العلم البسيط الإجمالي"، وحقيقة قول مولينا أبي عبدالله في حديث الكافي حيث يقول: "لم يزل الله تعالى ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة ذاته ولا مقدور، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور". إلخ وقول مولينا أبي جعفر عليه السلام في رواية الكافي حيث يقول: "كان الله ولا شيء غيره، ولم يزل عالما بما يكون فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه". وأيضا أن الأسماء والصفات ولوازمهما من الأعيان الثابتة ولوازمهما ولوازم لوازمهما إلى آخرها، بل الفيض المقدس والظل المنبسط بوجه، حاضرة لديه بتصور ذاته ومنكشفة لديه بانكشاف ذاته لذاته بلا تكثر وتعين، فإن الإسم عين المسمى وصورة الإسم أي الأعيان عين الإسم والمسمى والظل المنبسط عين الحقيقة الإلهية ومستهلك فيها لاحكم له أصلا ولا استقلال. والتعبير باللازم والإسم والمفهوم إلى غير ذلك من الألفاظ والعبارات مقام التعليم والتعلم، والمكاشفات والبراهين تخالفه والمشاهدات وعلوم الأذواق تعانده.
ألا أن ثوبا خيط من نسج تسعة......وعشرين حرفا من معاليه قاصر
بل ليس فهم هذه الحقايق بالبراهين المشائية والقياسات الفلسفية والمجادلات الكلامية.
Страница 140