اللهم إني أسئلك من مشيتك بأمضاها وكل مشيتك ماضية اللهم إني أسئلك بمشيتك كلها
لا أراك ممن تحتاج إلى مزيد توضيح أو كثرة تشريح أو تلويح أو تصريح لمقام المشيئة بعد الرجوع إلى ما سبق والتدبر فيما مر بما استحق ولكن البيان لا يغني من العيان، لقصورالعبارة وفتور الإشارة وكل البيان ولكن اللسان، ولا يمكن الوصول بهذه الحقايق إلا مع العبور عن ملابس الرفائق ولا يتيسر إلا بسلب العلائق الدنيوية وشد الرحال إلى باب الأبواب الإنسانية، والخروج عن جميع مراتب الأنانية وترك الشهوات النفسانية فإن شهود مقام الاطلاق لا يمكن إلا بترك القيود، والوصول إلى باب الإرسال لا يتيسر إلا بإلقاء الحدود. فاجتهد يا حبيبي لأن تكون شهيدا لمقامك، فإن الشهيد يكون سعيدا وتعشق وجه حبيبك، فإن من مات من العشق فقد مات شهيدا.
فهل يمكن الوصول إلى مقام طور القرب إلا بخلع نعلي الشهوة والغضب وترك الهوى والإنقطاع إلى حضرة المولى. فإنه الوادى المقدس والمقام الشامخ الأقدس. والمتلبس بالألبسة الجسمانية والمتردي برداء الهيولى الظلمانية لا يمكنه شهود مقام المشيئة الإلهية وكيفية سريانها ومضيها وبسطها وإطلاقها.
فليعلم بتوفيق الله أن سلسلة الوجود من عوالم الغيب والشهود من تعينات المشيئة ومظاهرها ونسبتها إلى جميعها نسبة واحدة، وإن كانت نسبة المعينات إليها مختلفة. وهى أول الصوادر على طريقة العرفاء الشامخين رضوان الله عليهم وساير المراتب موجودة بتوسطها. كما فى رواية الكافي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: "خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيئة "بل التدقيق في مضمون الرواية الشريفه والتحقيق عند أصحاب الحقيقة وأرباب السلوك والطريقة أن لا موجود في المراتب الخلقية إلا المشيئة المطلقة الإلهية وهى الموجودة بالذات والمجردة عن كل التعينات والتعلقات، ولها الوحدة الحقة الظلية ظل الوحدة الحقة الحقيقية. وأما التعينات فلم تستشم رائحة الوجود، بل كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء {وإن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباءكم ما أنزل الله بها من سلطان}(النجم:23) {كل شئ هالك إلا وجهه}(القصص:88).
فهذا القرطاس الذي أكتب عليه، والقلم الذي أسطر معه والعضلة المسخرة لهما، ***151]
Страница 129