============================================================
ثم إن لمنكري الإعادة شبهة أخرى مشهورة، هي أن الإعادة على ما جاءت به الشرائع تتضمن إعدام هذا العالم، وذلك باطل لأمور كثيرة مقررة في كتب الفلاسفة، فأجاب عن هذه الشبهة بأن المنكر لما سلم كونه تعالى خالقا لهذه السموات والأرض لزم أن يسلم كونه قادرا على إعدامها، فإن ما صح عليه العدم في وقت صح عليه في كل وقت، وأن يسلم كونه قادرا على إيجاد عالم آخر لأن القادر على شيء قادر - لا محالة- على مثله.
وهل يعدم الله الأجزاء البدنية ثم يعيدها، أو يفرقها ويعيد فيها التأليف؟
الحق أته لم يثبت ذلك، فلا جزم فيه تفيا ولا إثباتا لعدم الدليل على شيء من الطرفين.
(تخشر الأجساد وتعاد فيها الأرواح)، أجمع أهل الملل على جوازه ووقوعه للنصوص الدالة عليه التي لا تقبل التأويل.
ومسألة المعاد مبنية على أركان أربعة، وذلك أن الإنسان هو العالم الصغير، وهذا العالم هو العالم الكبير، والبحث عن كل منهما إما عن تخريبه او تعميره بعد تخريبه، وهذا مطالب آربعة: الأول: كيفية تخريب العالم الصغير: وهو بالموت.
والثاني: أنه تعالى كيف يعمره بعد ما خربه: وهو آن يعيده كما كان حيا عاقلأ ويوصل إليه الثواب والعقاب: والثالث: أنه كيف يخرب هذا العالم الكبير؟ أيخربه بتفريق الأجزاء أو بالاعدام والإفناء4.
-الرابع: أنه كيف يعمره بعد تخريبه.
والأقوال الممكنة في هذه المسألة تزيد على خمسة: الأول: ثبوت المعاد الجسماني فقط، وهو قول اكثر المتكلمين النافين للنفس الناطقة.
والثاني: ثبوت المعاد الروحاني فقط، وهو قول الفلاسفة الإلهين
Страница 81