============================================================
وعند مشايخ المعتزلة أيضا، لكن عندهم المعدوم شيء، فإذا غدم الموجود بقي ذاته المخصوصة فأمكن لذلك أن يعاد، وعندنا ينتفي بالكلية مع امكان الإعادة، خلافا للفلاسفة والتناسخية وبعض الكرامية وأبي الحسين البصري ومحمود الخوارزمي، فإن هؤلاء - أعني غير الفلاسفة - وإن كانوا مسلمين معترفين بالمعاد الجسماني ينكرون إعادة المعدوم، ويقولون إعادة الأجسام هي جمع أجزائها المتفرقة.
لنا في جواز الإعادة أنه لا يمتنع وجود الثاني لذاته ولا للوازمه؛ وإلا لم يوجد ابتداء، بل كان من قبيل الممتنعات لأن مقتضى ذات الشيء أو لازمه لا يختلف بحسب الأزمنة، وإذا لم يمتنع كذلك كان ممكنا بالنظر إلى ذاته، وهو المطلوب.
وفي وقوعه قوله تعالى: أولز ير الإنسن أنا خلقله من نطفة [يس: 77] إلى آخر السورة، فإنه ذكر هاهنا مبدأ من خلقه الإنسان، وأشار إلى شبهة المنكرين للإعادة وهي كون العظام رميمة متفتتة كيف يمكن أن تصير جثة، واحتج على صحة الإعادة ووقوعها بقوله: قل يحييها آلذى أنشاها أول مرق [يس: 79]، وهذا هو الذي عول عليه المتكلمون في صحة الإعادة حيث قالوا: ان الإعادة مثل الإيجاد أول مرة، وحكم الشيء خكم مثله، فإذا كان قادرا على الايجاد كان قادرا على الإعادة.
ثم نفى شبهتهم التي حكاها عنهم- وهي تمسكهم بكون العظام رميمة من وجهين آحدهما: اختلاط أجزاء الأبدان والأعضاء بعضها ببعض، فكيف يميز أجزاء بدن عن أجزاء بدن آخر وأجزاء عضو عن أجزاء سائر الأعضاء حتى تتصور الإعادة. والثاني: أن الأجزاء الرميمة يابسة جدا، مع أن الحياة تستدعي رطوية البدن.
أشار إلى جواب الأول بأنه عليم بكل شيء، فيمكنه تمييز أجزاء الأبدان والأعضاء، وإلى جواب الثاني بأنه جعل النار في الشجر الأخضر مع ما بينهما من المضادة الظاهرة، فلئن يقدر على إيجاد الحياة في العظام الرميمة اليابسة أولى لأن المضادة بينهما أقل.
ثاي اترخ العقائد العضدية/9201119626012312011/1/24
Страница 80