============================================================
بالغرض؛ لأن كل من فعل لأجل تحصيل مصلحة كان تحصيل تلك المصلحة اولى عنده من تركها، ومن كان كذلك كان ناقصا قبل تحصيل تلك المصلحة، مستكملا بتحصيلها؛ لأن كل ما كان غرضا وجب أن يكون وجوده أصلح
للفاعل وآليق به من عدمه، وهو معنى الكمال والاستكمال بالغير في حقه.
وليس عبثا، وإنما العبث ما كان خاليا عن الفوائد والمنافع، وأفعاله إيجاد فغل من الأفعال، أو على شرع حكم من الأخكام الشرعية. والغرض بهذا المفهوم هو المسمى بالعلة الباعثة على الفعل، وهي مستحيلة في حق الله تعالى، إذ يترتب على إثباتها له سبحانه محالات عديدة مخلة بمقام الإلهية؛ كحلول الصفات الحادثة بذاته تعالى عن ذلك؛ والله ع بتعالى عنها؛ لأنه يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد بمقتضى علمه وارادته وقدرته التي هي صفات وجبت لله تعالى آزلا ووجب قدمها واستحال عدمها، لا بشيء محدث خارج عنها يكون باعثا له على الفعل أو الحكم: وأما إثبات الحكم والمنافع التابعة لأفعال الله تعالى فلا يلزم منه أي محذور، وأهل السنة الأشعرية يقولون: بأن أفعال الله تعالى محكمة متقنة مشتملة على حكم ومصالح
لا تحصى ولا تعد راجعة إلى مخلوقاته تعالى، لكنها ليست عللا حادثة تقوم بذاته فتبعثه على الفعل أو الحكم، فالله نل فاعل مختار، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد بارادته وقدرته وعلمه، ولا يقوم به وصف آخر من غرض محدث أو علة كون حاملة له على فعل دون غيره. وما الحكم والمنافع إلا ثمراث لأفعاله فضلا منه ورحمه: وقد قال الإمام الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام: أبو بكر الإسماعيلي (ت371ه) في كتاب اعتقاد أهل السنة: "وأنه- تعالى - مالك خلقه، وأنشأهم لا عن حاجة إلى ما خلق، ولا لمعنى دعاء إلى أن خلقهم، لكنه فعال لما يشاء، ويحكم ما يريد، ولا يسأل عما يفعل، والخلق مسؤولون عما يفعلون." (ص36. تحقيق: جمال عزون.
نشر دار ابن حزم 1999م) فقوله كالله: "ولا لمعى دعاه أن خلقهم" إشارة إلى تنزيه اللهل عن الأغراض الحاملة على الأفعال.
ومما ينبغي آن يعلم في هذا المقام أن كل حكمة ومصلحة تترتب على فعل تسمى غاية من حيث إنها على طرف الفعل، ونهاية وفائدة من حيث إنها تترتب على الفعل، فالفائدة والغاية متحدتان ذاتا ومختلفتان اعتبارا، ويعمان الأفعال الاختيارية وغيرها، وأما الغرض فهو الأمر الحادث الذي يقوم بالفاعل فيكون لإجله إقدام الفاعل على فعله، ويسمى علة غائية، والغرض بهذا المعنى لا يوجد في أفعاله تعالى وإن جمت فواثدها.
ثاي اترخ العقائد العضدية/9201119626012312011/1/24
Страница 70