وقوله ﷺ: "فليكرم جاره - فليكرم ضيفه" فيه تعريف لحق الجار والضيف وبرهما وحث على حفظ الجوارح وقد أوصى الله تعالى في كتابه بالإحسان إلى الجار وقال ﷺ: "ما زال جبريل ﵇ يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" ١. والضيافة من الإسلام وخلق النبيين والصالحين. وقد أوجبها بعض العلماء وأكثرهم على أنها من مكارم الأخلاق. وقال صاحب الإفصاح: في هذا الحديث من الفقه أن يعتقد الإنسان أن إكرام الضيف عبادة لا ينقصها أن يضيف غنيًا ولا يغيرها أن يقدم إلى ضيفه اليسير مما عنده، فإكرامه أن يسارع إلى البشاشة في وجهه ويطيب الحديث له، وعماد أمر الضيافة إطعام الطعام فينبغي أن يبادر بما فتح الله من غير كلفة، وذكر كلامًا في الضيافة، ثم قال: وأما قوله: "فليقل خيرًا أو ليصمت" فإنه يدل على أن قول الخير خير من الصمت والصمت خير من قول الشر، وذلك أنه أمره بلام الأمر لقول الخير وبدأ به على الصمت، ومن قول الخير: الإبلاغ عن الله تعالى وعن رسوله ﷺ وتعليم المسلمين والأمر بالمعروف عن علم وإنكار المنكر عن علم والإصلاح بين الناس، وأن يقول للناس حسنا، ومن أفضل الكلمات كلمة حق عند من يخاف ويرجى في ثبات وسداد.
_________
١ رواه البخاري في الأدب باب الوصاة بالجار رقم ٦٠١٤، من حديث عائشة وابن عمر.
1 / 69