حصائد ألسنتهم" ١. وقال: "كل كلام ابن آدم عليه إلا ذكر الله تعالى وأمر بمعروف ونهي عن منكر" ٢. فمن علم ذلك وآمن به حق إيمانه اتقى الله في لسانه فلا يتكلم إلا بخير أو يسكت.
قال بعض العلماء: جماع آداب الخير يتفرع من أربعة أحاديث: ذكر منها قوله ﷺ: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت". قال أهل اللغة: يقال صمت يصمت بضم الميم صمتًا وصموتًا وصماتًا.
وقال بعضهم في معنى هذا الحديث: إذا أراد الإنسان أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه فليتكلم وإلا فليمسك عن الكلام سواء ظهر أنه حرام أو مكروه أو مباح، فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه مندوبًا إلى الإمساك عنه مخافة أن ينجر إلى المحرم أو المكروه وقد يقع ذلك كثيرًا قال الله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ٣.
واختلف العلماء في أنه هل يكتب على الإنسان جميع ما يلفظ به وإن كان مباحًا أو لا يُكتب عليه إلا ما فيه الجزاء من ثواب أو عقاب. وإلى القول الثاني ذهب ابن عباس وغيره، فعلى هذا تكون الآية الكريمة مخصوصة أي: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ﴾ يترتب عليه جزاء.
_________
١ رواه أحمد ٥/٢٣٦ و٢٣٧؛ والترمذي في الإيمان رقم ٢٦١٦ وهو حديث طويل صحيح.
٢ رواه الترمذي في الزهد رقم ٢٤١٢ عن أم حبيبة ﵂. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن يزيد بن خُنَيسٍ.
٣ سورة ق: الآية ١٨.
1 / 68