وما زالت هذه الأسرة السعيدة عائشة مذ ذاك الآن بالرغد والصفاء في منزلها القديم تقضي عيش السلام والطمأنينة، وتحفظ على صفحات الصدور ذكر الراهبة «أغنس» مع حاسات الشكر وعواطف المحبة والتكريم.
أما غرفة التذكارات فما برحت في الدار على حالها، قد جعل «شرل» ناظرا عليها يدبر شئونها، وقد أضافوا إلى ما كان «شرل» قد جمعه فيها جميع الآثار التي كانت سببا لتعزية «وردة» في حال نزعها واحتضارها، وفي كل سنة «يوم أحد الشعانين» يدخل كل أفراد العائلة تلك الغرفة المعتبرة عندهم كمتحف، بل كمقدس للنقاوة والتقى، ويتذكرون جميع الحوادث الماضية التي تخطرها على بالهم تلك الآثار الباقية، ثم يجثون راكعين أمام ذلك المصلوب الذي أودعته «وردة» قبلتها الأخيرة، ويلتمسون حماية من كانت بحياتها ملاكا قائما على حراسة تلك الأسرة الفاضلة، وهي لا تزال بعد مماتها تشفع بها لدى الله.
وبعد مضي سنة على الحوادث التي مر بك ذكرها كنت ترى «سوسنة» تضم إلى صدرها وبين ذراعيها بحنو وانعطاف بنتا رزقها الله إياها، وكان أهلها عندما نصروها سموها «أغنس دي لينس» ليعيش بينهم اسم خالتها عنوان الشجاعة والشهامة، ولئن كان ذكرها منطبعا على صفحات الصدور لا يمحوه الدهر ولو مر، ولا الزمان ولو كر.
Неизвестная страница