يعنى ان يحجوا في ذي الحجة عامين وفي المحرم عامين وفي صفر عامين وهكذا.
وهذا يعني أن الحج يعود كل اربعة وعشرين سنة في موضعه الطبيعي ( اي شهر ذي الحجة ).
وقد جرى العرب المشركون على هذه الطريقة حتى صادفت أيام الحج شهر ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة النبوية فحج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك السنة حجة الوداع ، فنهى في خطبة له عن هذه الفعلة ( التي تسمى بالنسيء بمعنى تأخير الحج عن موضعه وموعده ) فقال : « ألا وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض السنة إثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم : ثلاث متواليات : ذوالقعدة وذوالحجة ، ومحرم ، ورجب الذي بين جمادي وشعبان » (1).
وقد أراد صلى الله عليه وآله وسلم بذلك أن الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها ، وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء .
ونزل في هذه المناسبة قول الله تعالى : « إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما » (2).
من هنا تنتقل أيام التشريق كل سنتين من مواضعها ، على ما عرفت ، وحينئذ لا منافاة بين القول بأن نور النبي انتقل إلى رحم امه « آمنة بنت وهب » في ايام التشريق ، وبين ما اجمع عليه عامة المؤرخين من أنه ولد في شهر ربيع الأول. وانما تكون المنافاة بين هذين الامرين إذا كان المراد من ايام التشريق هو اليوم الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر من شهر ذي الحجة خاصة ، ولكن قلنا ان ايام التشريق كانت تنتقل من شهر إلى آخر باستمرار ، فيلزم أن يكون عام حمل امه به ، وعام ولادته أيام الحج الواقعة في شهر جمادي الاولى ، وحيث أنه صلى الله عليه وآله وسلم ولد في شهر ربيع الأول فتكون مدة حمل « آمنة » به عشرة أشهر تقريبا.
Страница 206