فلما أمر النبي ﷺ بضرب عنقه من غير تفصيل بين أن يكون محصنا أو غير محصن علم أن قتله لما انتهكه من حرمته ولعله قد شهد عنده شاهدان أنهما رأياه يباشر هذه المرأة أو شهدا بنحو ذلك فأمر بقتله فلما تبين أنه كان مجبوبا علم أن المفسدة مأمونة منه أو أنه بعث عليا ليرى القصة فإن كان ما بلغه عنه حقا قتله ولهذا قال في هذه القصة أو غيرها: أكون كالسكة المحماة أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
ويدل على ذلك أن النبي ﷺ تزوج قيلة بنت قيس بن معدي كرب أخت الأشعث ومات قبل أن يدخل بها وقبل أن تقدم عليه وقيل: إنه خيرها بين أن يضرب عليها الحجاب وتحرم على المؤمنين وبين أن يطلقها فتنكح من شاءت فاختارت النكاح قالوا: فلما مات النبي ﷺ تزوجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت فبلغ أبا بكر فقال: لقد هممت أن أحرق عليهما بيتهما فقال عمر: ما هي من أمهات المؤمنين ولا دخل بها ولا ضرب عليها الحجاب وقيل: إنها ارتدت فاحتج عمر على أبي بكر أنها ليست من أزواج النبي ﷺ بارتدادها.
فوجه الدلالة أن الصديق ﵁ عزم على تحريقها وتحريق من تزوجها لما رأى أنها من أزواج النبي ﷺ حتى ناظره عمر أنها ليست من أزواجه فكف عنهما لذلك فعلم أنهم كانوا يرون قتل من استحل حرمة رسول الله ﷺ.
ولا يقال: إن ذلك حد الزنا لأنها كانت تكون محرمة عليه ومن تزوج ذات محرمة حد حد الزنا أو قتل لوجهين:
أحدهما: أن حد الزنا الرجم
1 / 60