فقال تاناروف مضطربا متلعثما: «إني آسف جدا.»
وهمت ليدا وجمعت ذلاذل ثوبها وعدت ضاحكة وعيون الرجال تتعقبها، وأحسوا لما خفيت عن أنظارهم كأنما خلصت أنفاسهم واستراحوا من ذلك الشعور العصبي بالتقيد الذي يعانيه الرجال عادة في حضرة فتاة جميلة.
وأشعل سارودين سيجارة وجعل يدخنها بالتذاذ واضح، وكان المرء يحس إذا سمعه يتكلم كأنما عادته أن يحدو الحديث، وإن ما يجري بذهنه يخالف ما يجري به لسانه وقال: «لقد كنت أحاول أن أقنع ليدا بتروفنا أن تدرس الغناء درسا جديا فإن مستقبلها مضمون ما دام لها هذا الصوت.»
فقال نوفيكوف مشمئزا: «تالله ما أبدعها من مهنة!» وأشاح بوجهه.
فسأل سارودين مستغربا ونحى السيجارة عن فمه: «أي ضير في ذلك؟»
فرد عليه نوفيكوف وقد حمي فجأة: «ما هي الممثلة؟ إنها ليست إلا مومسا!»
ومزقت قلبه الغيرة وقطع نياطه ما تصوره من منظر هذه الفتاة التي يشتهي جثمانها إذ تبدو أمام سواه من الرجال في ثوب فتان يكشف عن مفاتنها ويهيج عواطفهم،
فقال سارودين رافعا حاجبيه: «لا شك أنك تذهب إلى أبعد مما يجب.»
وكانت نظرة نوفيكوف كلها حقدا وبغضا وكان يرى في سارودين لصا ينوي أن يخطف عشيقته وأمضه - فضلا عن هذا - حسن وجهه فقال: «كلا ليس في قولي تجاوز للحد. وتصور بروز المرأة على الملعب كاسية إلا أنها عارية - حاسرة في بعض الأدوار الشيقة عن مفاتنها الشخصية لأولئك النظارة الذين لا يلبثون أن يزايلوا المكان بعد ساعة أو نحوها كما ينهضون عن مومس بعد أن ينقدوها أجرها المعتاد! الحق إنها مهنة فاتنة!»
فقال سانين: «يا أخي، إن كل امرأة تحب أن يعجب الناس بمحاسنها الخاصة.»
Неизвестная страница