(1) قال الطبري : ( سبحان : مصدر لا تصرف له ، ومعناه : نسبحك ) 1 / 258 ، والتسبيح هو التنزيه والتقديس ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ( فأفضل ما يقول الراكع على الإطلاق : سبحان ربي العظيم فإن الله سبحانه أمر العباد بذلك ..فسر الركوع تعظيم الرب جل جلاله بالقلب والقالب والقول ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أما الركوع فعظموا فيه الرب ) ) كتاب الصلاة ص176 والحديث أخرجه مسلم في الصلاة ح479 .
(2) إنما سبح الله في الركوع بعظمته وفي السجود بعلوه لأمره - صلى الله عليه وسلم - ،قال ابن القيم : (وشرع فيه من الثناء ما يناسبه وهو قول العبد : سبحان ربي الأعلى فهذا أفضل ما يقال فيه ، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره في السجود بغيره ...وكان وصف الرب بالعلو في هذه الحال في غاية المناسبة لحال الساجد ، الذي قد انحط إلى السفل على وجهه ، فذكر علو ربه في حال سقوطه ، وهو كما ذكر عظمته في حال خضوعه في ركوعه ، ونزه ربه عما لا يليق به ، مما يضاد عظمته وعلوه ) كتاب الصلاة ص181 .
(3) هذا للإمام فقط ويفهم منه أن المنفرد له حكم آخر ، كما أنه خلاف ما يذكره بعض الفقهاء كما في المغني لابن قدامة : أن الإمام لا يستحب له الزيادة على ثلاث تسبيحات .
والواجب من ذلك تسبيحة واحدة لأنه أقل ما يتحقق به الامتثال لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (اجعلوها في ركوعكم ) ، وقد جاء ذلك عن علي رضي الله عنه حيث قال : (إذا ركع أحدكم فليقل : اللهم لك ركعت ولك خشعت وبك آمنت وعليك توكلت سبحان ربي العظيم ثلاثا ، وإذا سجد قال : سبحان ربي الأعلى ثلاثا ، فإن عجل به أمر فقال : سبحان ربي العظيم وترك ذلك أجزأه ) مصنف ابن أبي شيبةح2563 . لكن جاء عن محمد بن كعب أنه قال : ( أدنى السجود إذا وضعت رأسك على الأرض أن تقول : سبحان ربي الأعلى ثلاثا ) المصنف ح2569 ومثله عن إبراهيم النخعي ح2570 ، وعن جعفر بن برقان قال : سألت ميمونا عن مقدار الركوع والسجود فقال : لا أرى أن يكون أقل من ثلاث تسبيحات ) ح2571 ،وعن عطاء قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : (اركع حتى تستمكن كفاك من ركبتيك قدر ثلاث تسبيحات ) مصنف عبدالرزاق ح2886 ، وهذا يفهم منه أن الواجب في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات ، وخالفهم غيرهم ، روى ابن أبي شيبة عن سعد أنه قال لابنة له تفرط في الركوع : ( إنما يكفيك إذا وضعت يديك على ركبتيك ) ح 2577وعن ابن مسعود وعلي وعمر رضي الله عنهم : إذا وضع الرجل يديه على ركبتيه ومكن الأرض من جبهته فقد أجزأه ح2578 2580 ومثله عن ابن سيرين وعطاء ومجاهد ح25832585 ، عن جعفر بن برقان قال سألت الزهري فقال : إذا وقعت العظام واستقرت فقلت له : إن ميمونا يقول : ثلاث تسبيحات فقال : هو الذي أقول لك ) ح2571 ، فيحمل قول من أوجب الثلاث على أنه أقل الكمال في عدد التسبيحات ، وأما أقل ما يجزىء من هيئة الركوع والسجود ما ذكر هؤلاء من أنه إذا مكن يديه من ركبتيه وجبهته من الأرض فقد أجزأته صلاته ويعتبر قد سجد وركع ، وعليه فإن المأموم إذا وافق الإمام في جزء من ركوعه وهو واضع يديه على ركبتيه فقد أدرك الركعة وإلا فهو مسبوق ، ومن هنا قلنا إنه يجب أن يكون تكبير الإمام للرفع من الركوع مقارنا لرفع يديه من على ركبتيه حتى يعلم المأموم إدراكه الركوع من عدمه .
Страница 71