الثانية: قدّم الإِضلال على الهداية ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ ليكون أول ما يقرع أسماعهم من الجواب أمرًا فظيعًا يسوءهم ويفتُّ في أعضادهم، وأوثرت صيغة الاستقبال إِيذانًا بالتجدد والاستمرار، أفاده العلامة أبو السعود.
الثالثة: قال ابن جزي في التسهيل: وهذه الآية ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعًا ثُمَّ استوى إِلَى السمآء﴾ تقتضي أنه خلق السماء بعد الأرض، وقوله تعالى ﴿والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] ظاهره خلاف ذلك، والجواب من وجهين: أحدهما أن الأرض خلقت قبل السماء، ودحيت بعد ذلك فلا تعارض، والآخر تكون ﴿ثُمَّ﴾ لترتيب الأخبار.
المنَاسَبَة: لما امتنَّ تعالى على العباد بنعمة الخلق والإِيجاد وأنه سخر لهم ما في الأرض جميعًا، وأخرجهم من العدم إِلى الوجود، أتبع ذلك ببدء خلقهم، وامتنَّ عليهم بتشريف أبيهم وتكريمه، بجعله خليفة، وإِسكانه دار الكرامة، وإِسجاد الملائكة تعظيمًا لشأنه، ولا شك أن الإِحسان إِلى الأصل إِحسان إِلى الفرع، والنعمة على الآباء نعمة على الأبناء، ولهذا ناسب أن يذكّرهم بذلك، لأنه من وجوه النعم التي أنعم بها عليهم. اللغَة: ﴿وَإِذْ﴾ ظرف زمان منصوب بفعل محذوف تقديره: اذكر حين أو اذكر وقت، وقد يصرح بالمحذوف كقوله تعالى: ﴿واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ﴾ [الأنفال: ٢٦] قال المبرد: إذا جاء «إِذْ» مع مستقبل كان معناه ماضيًا نحو قوله ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ﴾ [الأنفال: ٣٠] معناه إِذْ مكروا، وإِذا جاء «إِذا» مع الماضي كان معناه مستقبلًا كقوله ﴿فَإِذَا جَآءَتِ الطآمة الكبرى﴾ [النازعات: ٣٤] و﴿إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله﴾ [النصر: ١] أي يجيء. ﴿خَلِيفَةً﴾ الخليفة: من يخلف غيره وينوب منابه، فعيل بمعنى فاعل والتاء للمبالغة، سمي خليفة لأنه مستخلف عن الله ﷿ في إجراء الأحكام وتنفيذ الأوامر الربانية قال تعالى ﴿ياداوود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرض﴾ [ص: ٢٦] الآية ﴿وَيَسْفِكُ﴾ السفك: الصب والإِراقة لا يستعمل إِلا في الدم قال في المصباح: وسفك الدم: أراقة وبابه ضرب ﴿نُسَبِّحُ﴾ التسبيح: تنزيه الله وتبرئته
المنَاسَبَة: لما امتنَّ تعالى على العباد بنعمة الخلق والإِيجاد وأنه سخر لهم ما في الأرض جميعًا، وأخرجهم من العدم إِلى الوجود، أتبع ذلك ببدء خلقهم، وامتنَّ عليهم بتشريف أبيهم وتكريمه، بجعله خليفة، وإِسكانه دار الكرامة، وإِسجاد الملائكة تعظيمًا لشأنه، ولا شك أن الإِحسان إِلى الأصل إِحسان إِلى الفرع، والنعمة على الآباء نعمة على الأبناء، ولهذا ناسب أن يذكّرهم بذلك، لأنه من وجوه النعم التي أنعم بها عليهم. اللغَة: ﴿وَإِذْ﴾ ظرف زمان منصوب بفعل محذوف تقديره: اذكر حين أو اذكر وقت، وقد يصرح بالمحذوف كقوله تعالى: ﴿واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ﴾ [الأنفال: ٢٦] قال المبرد: إذا جاء «إِذْ» مع مستقبل كان معناه ماضيًا نحو قوله ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ﴾ [الأنفال: ٣٠] معناه إِذْ مكروا، وإِذا جاء «إِذا» مع الماضي كان معناه مستقبلًا كقوله ﴿فَإِذَا جَآءَتِ الطآمة الكبرى﴾ [النازعات: ٣٤] و﴿إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله﴾ [النصر: ١] أي يجيء. ﴿خَلِيفَةً﴾ الخليفة: من يخلف غيره وينوب منابه، فعيل بمعنى فاعل والتاء للمبالغة، سمي خليفة لأنه مستخلف عن الله ﷿ في إجراء الأحكام وتنفيذ الأوامر الربانية قال تعالى ﴿ياداوود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرض﴾ [ص: ٢٦] الآية ﴿وَيَسْفِكُ﴾ السفك: الصب والإِراقة لا يستعمل إِلا في الدم قال في المصباح: وسفك الدم: أراقة وبابه ضرب ﴿نُسَبِّحُ﴾ التسبيح: تنزيه الله وتبرئته
1 / 40