تاسعًا: التشبيه البليغ ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ أي هم كالصم والبكم العمي في عدم الاستفادة من هذه الحواس حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه فأصبح بليغًا.
عاشرًا: المجار المرسل ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ في آذَانِهِم﴾ وهو من إطلاق الكل وإرادة الجزء أي رؤوس أصابعهم لأن دخول الأصبع كلها في الأذن لا يمكن.
الحادي عشر: توافق الفواصل مراعاة لرءوس الآيات، وهذا له وقع في الأذن حسن، وأثر في النفس رائع مثل ﴿وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ الخ وهو من المحسنات البديعية.
الفوَائِد: الأولى: الغاية من ضرب المثل: تقريب البعيد، وتوضيح الغامض حتى يصبح كالأمر المشاهد المحسوس، وللأمثال تأثير عجيب في النفس
﴿وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ العالمون﴾ [العنكبوت: ٤٣] .
الثانية: وصف تعالى المنافقين في هذه الآيات بعشرة أوصاف كلها شنيعة وقبيحة تدل على رسوخهم في الضلال وهي (الكذب، الخداع، المكر، السَّفه، الاستهزاء الإِفساد في الأرض، الجهل، الضلال، التذبذب، السخرية بالمؤمنين) أعاذنا الله من صفات المنافقين.
الثالثة: حكمة كفه ﵊ ُ عن قتل المنافقين مع أنهم كفار وعلمه ﷺ َ بأعيان بعضهم ما أخرجه البخاري أن النبي ﷺ َ قال لعمر: «أكره أن يتحدث العرب أن محمدًا يقتل أصحابه)» .
لطيفَة: قال العلامة ابن القيم: تأمل قوله تعالى ﴿ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ﴾ ولم يقل: «ذهب الله بنارهم» مع أنه مقتضى السياق ليطابق أول الآية ﴿استوقد نَارًا﴾ فإِن النار فيها إشراق وإحراق، فذهب الله بما فيها من الإِشراق وهو «النور» وأبقى ما فيها من الإِحراق وهو «النارية» ! ﴿وتأمل كيف قال ﴿بِنُورِهِمْ﴾ ولم يقل بضوئهم، لأن الضوء زيادةٌ في النور، فلو قيل: ذهب الله بضوئهم لأوهم الذهاب بالزيادة فقط دون الأصل﴾ ! وتأمل كيف قال ﴿ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ﴾ فوحَّد النور ثم قال ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ﴾ فجمعها، فإِن الحقَّ واحد هو صراط الله المستقيم، الذي لا صراط يوصل سواه، بخلاف طُرُق الباطل فإِنها متعددة ومتشعبة، ولهذا أفرد سبحانه «الحقَ» وجمع «الباطل» في آيات عديدة مثل قوله تعالى ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظلمات إِلَى النور﴾ [المائدة: ١٦] وقوله ﴿وَجَعَلَ الظلمات والنور﴾ [الأنعام: ١] وقوله ﴿وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣] فجمع سبل الباطل ووحَّد سبيل الحق.
1 / 33