كل هذه الأمور مجتمعة أدت إلى انتشار الفوضى والاضطراب الاجتماعي (١).
هذا ولا تختلف الحالة الاجتماعية في خوارزم عن جاراتها، من المناطق الإِسلامية، بيد أن أهلها كانوا شديدي التمسك بأمور الدين.
وينوّه ياقوت بهذا قائلًا: "وما أظن كان في الدنيا لمدينة خوارزم نظير في ... ملازمة أسباب الشرائع والدين" (٢).
وكانوا أهل جهاد دائم، وعلى ثغر من ثغور الإِسلام، "وقد اكتنفها أهل الشرك، وأطافت بها قبائل الترك، فغزو أهلها معهم دائم، والقتال فيما بينهم قائم، وقد أخلصوا في ذلك نياتهم، وأمحصوا عن طوياتهم، وقد تكفل الله بنصرهم في عامة الأوقات، ومنحهم الغلبة في كافة الوقعات ... " (٣).
وقد كان لهذه البيئة الدينية أثر عظيم في الحماس الديني الذي نشأ عليه أبناؤها.
كان أهل خوارزم يمتازون باهتمامهم باللغة العربية والعلوم الإِسلامية، فتخرج فيها جماعة من الأدباء والشعراء والعلماء (٤). وتحدث الرحالون عن مظاهر ازدهارها بعمائرها الكثيرة، وشوارعها الفسيحة، وأسواقها المليحة، وسكانها الكثيرين ووفرة أسباب المعيشة والترف فيها (٥).
ومع هذه الوفرة المعيشية، فإن عامة الشعب لا يختلف وضعهم المعيشي في الفقر والبؤس عن بقية الأقطار الإِسلامية.
_________
(١) انظر: المنتظم، ٩/ ١٩٣، ١٠/ ١٤، ١٧٦، ١٨٩، ٢١٢. وانظر: الحياة الاجتماعية بالتفصيل: ظهر الإِسلام، ١/ ٣ - ١٣٠؛ التاريخ الإِسلامي، ٤/ ٦٢٥ - ٦٣٢.
(٢) معجم البلدان، ٢/ ٤٨٦.
(٣) ما نقله الصاوي عن ربيع الأبرار، ص ١٨.
(٤) كما يأتي تفصيل ذلك في الحياة العلمية.
(٥) رحلة ابن بطوطة، ص ٣٥٩.
1 / 18