ولا يخفى على اللبيب أن «النغمة» تمثل التحدي الأكبر للمترجم؛ لأنها قد تعتمد على مصطلح اللغة الأصلية الذي تتعذر ترجمته إلى أي لغة أخرى، وما دمنا ضربنا المثل من صلاح جاهين فلا بد من التنويه بالترجمة العبقرية التي أخرجتها نهاد سالم للرباعيات (دار إلياس العصرية للنشر، 1988م) والتي حققت فيه أكبر قدر ممكن من النجاح في نقل «النغمة» التي تمثل سر نجاح هذا اللون من الشعر الذي يستخدم لغة الناس، مثلما كان شيكسبير يفعل، ومثلما فعل كل شاعر أراد الوصول إلى الناس، وسوف أدلل على هذا النجاح أولا قبل التدليل على الصعوبات. اقرأ معي هذه الرباعية الجميلة:
أحب أعيش ولو أعيش في الغابات
أصحى كما ولدتني أمي وابات
طائر ... حوان ... حشرة ... بشر بس اعيش
محلا الحياة حتى في هيئة نبات.
وأول سؤال هو: هل الشاعر جاد في إعرابه عن حبه للحياة؟ فإذا كانت الإجابة بنعم فسوف تكون «النغمة» موجهة لتأكيد هذا المفهوم الذي يتردد في جنبات المصطلح الدارج - ويتعدل داخليا من خلال الهبوط بمستوى الإنسان إلى مستوى الكائنات الدنيا، أي الكائنات غير العاقلة حتى يصل إلى ما يلغي إنسانية الإنسان! وإذا اتكأنا على هذه اللمحة الأخيرة وجدنا معنى آخر كامنا في باطن هذا المفهوم وهو ليس ببساطة حب الحياة بل تأكيد إنسانية الإنسان أي إن الشاعر لا يقول فقط إنه يحب الحياة ولكنه لا يحب أن يعيش إلا إذا كان إنسانا!
أما الترجمة فهي:
I love to live, be it in a jungle deep
Naked to wake, and naked go to sleep
To live as beast, bird, man or even ant
Неизвестная страница