وليل في كواكبه حران ... فليس لطول مدته انقضاء
عدمت محاسن الإصباح فيه ... كان الصبح جود أو وفاء
وقال أبو هلال العسكري: من مخلع البسيط
عابوا فلم ادر ما ألاقي ... مس من الوجد أو جنون
ليلي لا يبتغي حراكا ... كأنه أدهم حرون
وقال سيدوك: من البسيط
عهدي به ورداء الوصل يجمعنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر
فالان ليلي مذ بانوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر
الرصافي: من السريع
يا ليلة طالت على عاشق ... منتظر للصبح ميعاد
كادت تكون الحول في طولها ... إذا مضى أولها عادا
وفي ليلة مطيرة طويلة: من مخلع البسيط
أقول والليل في امتداد ... وادمع الغيث في انسفاح
أظن ليلي بغير شك ... قد بات يبكي على الصباح
فأما ما قالوه في قصر الليل وسرعة انصرافه، وقرب ما بين أطرافه. فهو من أوصاف ليالي الوصل، وعند اجتماع الشمل، واتصال الحبل، فان سمحت هذه الحبيبة بالتداني، ودنت ثمار وصلها من يد الجاني، وصفت الليل بقدر ما أجده في ليلة وصالها، وأما الآن، فأنا قانع إن نمت بخيالها، وكيف يزور الطيف ساهرا، أم كيف يقر من يكابد وجدا ثائر، وقد أتى الشعراء في الطيف بالأوابد والفوائد، وجاءوا منه بما هو احسن من در القلائد في أجياد الخرائد، وأبو تمام والبحتري، وان أجادا في هذا المضما، وكان لهما مزية الاختراع والابتكار، فشعرهما يدل على طول نوم، واستغراق يوصل يوما بيوم، والبحتري أشدهما نوما، وأنا أكثر لوما، قال أبو تمام: من البسيط
زار الخيال لها لا بل أزاركه ... فكر إذا نام فكر الخلق لم ينم
ضبي تقنصته لما نصبت له ... في آخر الليل إشراكا من الحلم
وقال: من الخفيف
عادك الزور ليلة الرمل من رم ... لة بين الحمى وبين المطالي
نم، فما زارك الخيال ولكنك بالفكر زرت طيف الخيال وقال: من الخفيف
الليالي أخفى بقلبي إذا ما ... جرحته النوى من الأيام
يالها ليلة تنزهت الأرواح ... فيها ممرًا من الأجسام
مجلس لم يكن لنا فيه عيب ... غير إنا في دعوة الأحلام
فهذا السيد قد ذكر انه قطع الليلة بالنوم، وأين هذا من مذهب القوم، وقال البحتري: من الطويل
وإني وان ضنت علي بودها ... لارتاح منها للخيال المؤرق
يعز على الواشين لو يعلمونها ... ليال لنا نزدار فيها ونلتفي
فكم غلة للشوق أطفأت حرها ... بطيف متى يطرق دجى الليل يطرق
أضم عليه جفن عيني تعلقا ... به عند إجلاء النعاس المرنق
وقال: من الطويل
بلى وخيال من أثيلة كلما ... تأوهت من وجد تعرض يطمع
إذا زورة فيه تقضت مع الكرى ... تنبهت من وجد له أتفزع
ترى مقلتي ما لا ترى في لقائه ... وتسمع أذني رجع ما ليس تسمع
وقال:
ألمت بنا الهدو فسامت ... بوصل متى تطلبه في الجد تمنع
وما برحت حتى مضى الليل وانقضى ... وأعجلها داعي الصباح الملمع
ورب لقاء لم يؤمل وفرقة ... لأسماء لم تحذر ولم تتوقع
أراني لا انفك في كل ليلة ... تعاود فيها المالكية مضجعي
اسر بقرب من ملم مسلم ... وأشجى بين من حبيب مودع
من الطويل
إذا ما الكرى أهدى إلى خياله ... شفى قربه التبريح أو نقع الصدأ
إذا انتزعته من يدي انتباهه ... عددت حبيبا راح مني أو غدا
ولم أر مثلينا ولا مثل شاننا ... نعذب أيقاظا وننعم هجدا
وقال من الطويل
وليلة هومنا مع العيس أرسلت ... بطيف خيال يشبه الحق باطله
فلولا بياض الصبح طال تشبني ... بعطفي غزال بت وهنا أغازله
فانظر إلى تناسب ألفاظه، وحسن معانيها، واعتبر شدة النوم المودع فيها، وقال مهيار: من الخفيف
في الظباء الغادين أمس غزال ... قال عنه ما لا يقول الخيال
لم يزل يخدع البصيرة حتى ... سرني ما يقول وهو محال
لأعدمت الأحلام كم نولتني ... من عزيز صعب عليه النوال
ولقد أبان عن نوم شديد من قال: من الطويل
وما ليلة في الهر ألا يزورني ... خيالك إلا ليلة لا أنامها
1 / 11